للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له أبو لهب بن عبد المطلب، هلم إلي فعندك، لعمري، الخبر. قال فجلس والناس قيام عليه، فقال يا ابن أَخي، أَخبرنى كيف كان أَمر الناس؟ .

فقال الحارث، والله ما هو إلا أَن لقينا القوم، فمنحناهم أَكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، ويأْسروننا كيف شاءُرا، وأَيم الله - مع ذلك - ما لمت الناس، لقيَنا رجال بيض على خيل بُلق بين السماء والأرض، والله لا يقوم لها شيء.

قال أبو رافع فرفعت طنب الحجرة بيدى، ثم قلت، تلك والله الملائكة، قال فرفع أبو لهب يده فضرب بها وجهى ضربة شديدة، فثاورته فاحتملنى فضرب بي الأرض؛ ثم برك علي يضربي، وكنت رجلا ضعيفًا، فقامت أُم الفضل (١) (زوج العباس بن عبد المطلب) إلى عمود من عمد الحجرة فضربته به ضربة فعلت في رأْسه شجة منكرة، وقالت استضعفته أن غاب عنه سيده، فقام موليًا ذليلا فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته (٢).


(١) أم الفضل، اسمها لبابة بنت الحارث الهلالية، يقال إنها أول امرأة أسلمت بعد خديجة، تزوج النبي شقيقتها ميمونة، كانت من رواة الحديث، أخذه عنها كثير من الصحابة، كانت أم الفضل من شريفات النساء، ماتت في خلافة عثمان قبل زوجها العباس.
(٢) الكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٩٢ .. وقد روى ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية أن أبا لهب لما مات تركهـ ابناه بعد موته ثلاثًا ما دفناه حتى أنتن، وكانت قريش تتقى العدسة (مرض ں معد مشھور عند العرب) كما تتقى الطاعون، حتى قال لهما رجال من قريش، ويحكما ألا تستحيان إن أباكما قد أنتن في بيته لا تدفنانه؟ فقالا إنا نخشى عدوة هذه القرحة، فقال أحدهم انطلقا فأنا أعينكما عليه، فوالله ما غسلوه إلا قذفًا بالماء عليه بعيدًا ما يدنون منه، ثم احتملوه إلى أعلى مكة فأسندوه إلى جدار ثم رضموا عليه بالحجارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>