منافق واحد، بل كلهم مسلمون تأثروا بقوة الأراجيف فجرفهم تيار الإشاعات الكاذبة، فنطقوا بما أوقعهم تحت طائلة العقوبة من صريح الكلام في عرض زوج نبيهم الطهور.
ولقد نجا عبد الله بن أبي وعصبته المنافقة من عقوبة القذف لأن التهمة لم تثبت عليه قانونًا، بالرغم من أن الناس يعلمون (في قرارة أنفسم ويشعرون ومنهم النبي الأعظم) أن المحرك الأول لحديث الإفك إنما هو هذا المنافق (ابن أبي وحزبه)، ولكن الشعور والاعتقاد شيء، والقانون وإجراءاته الرسمية شيء آخر.
ولهذا نجا رأس النفاق وعصابته من العذاب (عذاب السياط التي أصابت غيرهم حدًّا) لأن هذا المنافق كان يعلم عقوبة القذف الصريح، فكان لذلك أحذر من أن يقع تحت طائلة القانون، بكلام صريح مشهود يفوه به من حديث الإفك الذي لم يكن له سواه باعثًا ومروجًا، ولهذا أفلت من العقوبة بعد أن أوقع غيره لينال عذابها.
[أضخم معركة يخوضها الرسول]
قال في ظلال القرآن: لقد كانت - حادثة الإفك - معركة خاضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاضتها الجماعة المسلمة يومذاك، وخاضها الإسلام، معركة ضخمة لعلها أضخم المعارك التي خاضها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخرج منها منتصرًا كاظمًا لآلامه الكبار محتفظًا بوقار نفسه وعظمة قلبه وجميل صبره، فلم تؤثر عنه كلمة واحدة تدل على نفاد صبره وضعف احتماله، والآلام التي تناوشه لعلها أعظم الآلام التي مرت به في حياته، والخطر على الإسلام من تلك الفرية من أشد الأخطار التي تعرض لها في تاريخه.