للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصاري (١) على أن يأتي من الأصحاب الذين أدّوا مناسك العمرة ليحلوا محل أوس بن خولى وأصحابه لحراسة الأسلحة. ليؤدى أوْس وأصحابه المائتان مناسك العمرة كإخوانهم. وقد حدث ذلك بالفعل. حيث عاد من مكة مائتان من الصحابة وحلوا محل أوس بن خولى وأصحابه في حراسة الأسلحة.

قال الواقدي: حدثني عائذ بن يحيى عن أبي الحويرث، قال: وخلَّف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائتى رجل على السلاح، عليهم أوْس بن خولى. ثم قال الواقدي -بعد أن أتى على تفاصيل عمرة القضية- وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر مائتين من أصحابه حين طافوا بالبيت أن يذهبوا إلى أصحابهم ببطن يأجج، فيقيموا على السلاح، ويأتى الآخرون فيقضوا نسكهم، ففعلوا. (٢).

[جلاء قريش عن مكة]

ما كانت بنود صلح الحديبية التاريخي الذي بموجبه دخل المسلمون مكة لأداء مناسك العمرة والبقاء ثلاثة أيام .. ما كانت هذه البنود تنص على إلزام القرشيين بالجلاء عن مكة عندما يدخلها المسلمون معتمرين ويبقون فيها تلك المدة.

ولكن قريشا نفسها آثرت الجلاء عن مكة عندما يدخلها المسلمون لقضاء العمرة .. فقررت أن تجلو عنها إلى رؤوس الجبال. لأنها شعرت أنه ثقيل على نفوسها إلى حد لا تطيقه أن تنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهم يطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة ويتجولون في أحياء مكة أحرارًا دون أن يجرأ أيّ كان على اعتراض سبيلهم .. وهم الذين خرجوا بالأمس يتحسسون رؤوسهم يطلبهم الموت في كل مكان بعد أن أهدرت قريش دماءهم وجعلت مائة ناقة جائزة لمن يأتيها برأس سيدهم ونبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -. وكانوا إلى ما بعد صلح الحديبية لا يستطيعون الاقتراب من حدود الحرم فضلًا أن يقوموا بالطواف بالبيت والسعى بين الصفا والمروة .. لهذا (وتحت ضغط البغض الوثنى الأسود) قررت قريش أن تجلو، إلى رؤوس الجبال لأنها لا تحتمل النظر إلى


(١) انظر ترجمة أوس بن خولى في كتابنا الخامس من هذه السلسلة (صلح الحديبية ص ١٧٠).
(٢) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٧٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>