وهكذا وبعد أن أكمل الفريقان المسلمون والمشركون في حنين تعبئتهما دنت ساعة الصفر واستعد الفريقان للمعركة الحاسمة.
كانت تعبئة المسلمين للجيش عند السحر قريبًا من الفجر، وكان انحدارهم إلى وادي حنين عند غلس الفجر، حيث يغلب الظلام على الضياء.
وتلك كانت فرصة ذهبية للكمائن الكثيرة التي ضعها قائد هوازن في الشعاب والمضائق، فقد كان جل اعتماد القائد ابن عوف لكسب المعركة على نجاح الكمائن الكثيرة الخطيرة التي وضعها بدقة وإحكام أثناء الليل ودون علم استخبارات الجيش النبوي في مضايق الشعاب التي سيمر من أمامها الجيش النبوي قاصدًا السهل الفسيح الذي تعسكر فيه هوازن بنسائها وأطفالها وأموالها من وراء جيشها.
وكان المسلمون يظنون (لعدم علمهم بكمائن هوازن) أن الصدمة الأولى في المعركة ستكون في سهل حنين حيث يعسكر سواد الجيش الهوازنى بأثقاله وأمواله ونسائه وأطفاله. ولم يُدخِلوا في حسابهم أمر الكمائن التي وضعها لهم عند مداخل وادي حنين قائد هوازن، وإلا لاستعدوا لها ولم يمكنوها من تحقيق شيء من أهدافها. ولكن أمر الله كان مقضيًا، فقد كتب أن تنجح كمائن المشركين وتنزل الهزيمة بالمسلمين (الذين أعجبتهم كثرتهم) عند الصدمة الأولى وقبل أن يكملوا انحدارهم إلى الوادي ويصلوا إلى السهل الذي دارت فيه (فيما بعد) المعركة الحاسمة بعد تراجع المسلمين من هزيمتهم.