للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجون (١).

[التحرك الأخير نحو المسجد الحرام]

وبعد أن أتمت الفرق الأربع السيطرة على العاصمة المقدسة مكة والتقى قادتها بعامة جنودهم عند الحجون حيث عسكر الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - وجعل من منطقة الحجون مقرًا لقيادته، أقام فيه طيلة بقائه بمكة حتى توجه إلى حنين (٢): بعد ذلك تحرّك الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - من الحجون يحيط به هيئة أركان حربه وقادة الفرق الأربع التي سيطرت على العاصمة.

وقد كان موكبًا مهيبًا رائعًا، سال به الأبطح في اتجاه المسجد الحرام، وزاد هذا الموكب الخالد روعة ومهابة إذ دوت أصوات الجيش (وعددهم عشرة آلاف) بالتكبير حتى ارتجت مكة كلها وخيّل للناس - وخاصة المشركين الذين وقفوا يشهدون الساعات الأخيرة من عهدهم الأسود - أن الجبال تشارك المشلمين هذا التكبير. الذي لم يعل ولن يعلو بعده بإذن الله صوت في مكة على صوت التوحيد حتى يوم القيامة.

[المشركون في رؤوس الجبال]

وكان بعض المشركين (على أثر نظام منع التجول في مكة) وعقب سحق قطعات خالد في جنوب العاصمة مقاومة المتطرفين من قريش بالخندمة) أخلوا الشوارع واعتصموا برؤوس الجبال. بعد أن ألقوا سلاحهم، فوقفوا من رؤوس الجبال ينظرون إلى ذلك المشهد الرائع، عشرة آلاف مقاتل تتحرك وكأنها غابة مزروعة بالرماح تتحرك في ثبات وسكينة وهدوء ووقار وانضباط لم يعرف العرب له مثيلًا منذ أن أدرج اسمهم في قائمة السلالات البشرية.

[الرسول يدخل وجيشه المسجد]

واستمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحيط به جيشه الباسل كالبحر. استمر في


(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٢٩.
(٢) انظر مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>