قد عاود فرسان مكة الهجوم ثلاث مرات، ولكنهم فشلوا فيها جميعها، وذلك بسبب يقظة الرماة في الجبل، وهذا في أول المعركة، أما في آخرها فقد نجح هجوم خيالة مكة بعد انسحاب الرماة من مواقعهم في الجبل، كما سنفصل ذلك فيما يأتي إن شاء الله.
[أولى ثمرات الخطة الحكيمة]
وكان فشل المشركين في هجومهم الأول هذا أولى ثمرات الخطة الحكيمة الدقيقة التي رسمها الرسول القائد لإدارة دفة المعركة، واختار بموجبها المرابطة في ذلك المكان التعبوي الحصين من الشعب.
فلو لم يختر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك المرتفع من الشعب المحاط بهضاب جبل أُحد من جهاته الثلاث، لنجح سلاح خيالة المشركين في التسرب بسرعة إلى مؤخرة الجيش الإسلامي لضربه من الخلف وإشغاله عن مواجهة صدر الجيش المكي.
وبعد أن فشل هجوم الفرسان وتقهقر أبو عامر الراهب أمام مقاومة المسلمين العنيدة توترت الحالة ثم حمى الوطيس وصدرت الأوامر من قادة الفريقين بالهجوم العام فاصطدم الجيشان.
وكما هي العادة في اللحظات الأولى من كل معركة، حاول الفريقان الثبات والاستبسال للسيطرة على الموقف، وأبدى كل من أعيان الجيشين شجاعة وبطولة واضحة.
وكان المشركون (عندما طارت الشرارة الأولى لإشعال المعركة)