للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أن الترف وروح الدعة والتمتع بلذائذ التمدن القاتلة حلت (بمرور الزمن) محلّ التقشف وخشونة البادية بين مختلف طبقات الشعب النبطى، فهبطت الروح القتالية العالية التي كان يمتاز بها الجند البدوى النبطى وكانت مصدر هيبته التي كانت تملأ نفوس الرومان فيتهيبون الاعتداء على الأنباط رغم قلة عدد المحاربين في هؤلاء الأنباط. وكثرة الرومان الغامرة.

وعندما شعر الرومان بركون الأنباط إلى الترف وبهبوط روحهم القتالية التي كانوا يمتازون بها. قامت جيوشهم (بمساندة المصريين) بالزحف على مملكة الأنباط، فلم يجدوا منهم تلك المقاومة الشرسة التي يلقونها منهم في مختلف العصور. لذلك أزال الرومان (وبسهولة) مملكة الأنباط من الوجود بعد أن احتلوا (ولأول مرة) عاصمة ملكهم الصخرية الجبلية (البتراء) وذلك في عهد الإِمبراطور (تراجان) عام ١٠٦ بعد الميلاد وكان الملك النبطى الذي قضى الرومان على الملكة في زمانه هو مالك الثالث وهو الثامن عشر من ملوك الأنباط (١).

[مملكة تدمر العربية]

تدمر (بفتح التاء وسكون الدال وضم الميم) مدينة صحراوية بالشام وهي تقع في أطراف البادية التي تفصل الشام عن العراق، وكأنها واحة في الصحراء أو جزيرة في الماء، تبعد عن دمشق ١٥٠ ميلا نحو الشمال الشرقي، ونحو مائة ١٠٠ ميل من حمص، وسفر خمسة أيام على الإِبل بن الفرات، شكلها منبسط تحيطها جبال تفصل بينها وبين صحراء البادية الممتدة من أطرافها.

فتدمر عبارة عن أطراف بادية من الشمال، فكل ما وراءها نحو الجنوب رمال قاحلة، لا ماء فيها ولا نبات، كانت تلك البادية مثلثًا. رأسه (تدمر) في الشمال وساقاه حدود العراق في الشرق، ومشارف الشام في الغرب وقاعدته شمالي جزيرة العرب (٢).


(١) انظر كتابنا (العرب في الشام قبل الإِسلام).
(٢) العرب قبل الإِسلام ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>