وإذا كانت جمهرة كتاب الغرب قد جانبت الصواب وحادت عن جادة الإنصاف عندما وصفت الحكم الصادر والنافذ بحق بني قريظة بالوحشية والقسوة، فإن هؤلاء الكتَّاب لم يخلوا من منصفين قالوا كلمة الحق وأَبوا الانجراف في تيار الهوى والعاطفة فنفوا (بتجرد ونزاهة) أن يكون في ذلك الحكم أي شيء من الوحشية والهمجية، ومن هؤلاء المؤلف الإنكليزي الكبير الدكتور (مونتجمري وات)، فقد جاءَ في كتابه (محمد نبي ورجل دولة) ص ١٧١ وما بعدها - ما يلي.
لقد انتقد بعض الأُوروبيين الحكم الصادر بحق بني قريظة ووصفوه بالهمجية. وقد اندهش بعض معاصري محمد لعدم اكتراثه بالعواقب التي قد تنتج عن قتل بني قريظة ... إلا أَن عمل هذه القبيلة أثناء محاصرة المدينة كان يعتبر ناقضًا للمعاهدة المبرمة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - ہ.
ثم ينفي الدكتور (مونتجمرى) ما ألصقه بعض المستشرقين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من اتهامات باطلة، فيقول: ولا داعي للافتراض بأن محمدًا قد ضغط على سعد بن معاذ لينزل هذه العقوبة بني قريظة فإن رجلًا بعيد النظر كسعد لا بد أنه أدرك أن طغيان الولاء القبلى على الولاء الإسلامي سيجدد المعارك الدموية التي جاءُوا (أي الأوس والخزرج) بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لينقذهم منها، ويقال: إنه عندما مثل (سعد) أمام محمد - صلى الله عليه وسلم - لينفذ حكمه أشار سعد إلى أن قرب نهايته تحتم عليه