للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بعض الروايات أن هند بنت عتبة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد النساء متنقبة وقالت: إني امرأة مؤمنة أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله، ثم كشفت عن نقابها وقالت: أنا هند بنت عتبة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مرحبًا بك: وأنها بعد أن بايعته قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك (أي شحيح) وليس يعطينى ما يكفينى وولدى إلَّا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فهل عليَّ من حرج أن أطعم من الذي له عيالنا؟ فقال لها: لا عليك أن تطعميهم بالمعروف: خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف (١).

الإِسلام يجب ما قبله

كانت هند بنت عتبة امرأة سيد قريش وقائد جيوشها. وكان من عادات الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - أن يتألف ويعامل من هم في منزلتها ومنزلة زوجها معاملة خاصة تأليفًا للقلوب. لتتفتح للإِسلام، وسنرى كيف أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سادات قريش وبعضهم لم يسلم إلا بعد فتح مكة - أعطاهم من غنائم حنين مئات من الإِبل وهو ما لم يعط مثله لأحد من السابقين الأولين في الإِسلام - فهند بنت عتبة كانت من ألد أعداء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية. كانت السبب الرئيسى في مقتل عمّه حمزة يوم أحد (٢) ولكن سيد البشبر لا يحقد على أحد ولا تعرف الضغينة إلى قلبه الطاهر الشريف الكبير سبيلا. لا سيما وأن قاعدة رائعة عامة في التسامح جاء بها الإِسلام وهي أن الإِسلام ينسخ ما قبله من الخطايا: (الإِسلام يجب ما قبله) كما جاء في الحديث الصحيح، ولهذا فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يحاسب هند ولا أحدًا آخر على ذنب ارتكبه وهو في جاهليته. اللهم إلا بضعة نفر استحقوا عقوبة. فنفذت فيهم.

[هند بنت عتبة تحطم صنما في بيتها.]

وجاء في بعض كتب التاريخ أن هند بنت عتبة لما خالط الإِسلام قلبها،


(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢١.
(٢) انظر تفاصيل قصة اغتيال حمزة في كتابنا (غزوة أحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>