للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت مبايعة النساء على غير الكيفية التي تتم بها مبايعة الرجال. فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يبايع الرجال بالمصافحة بالأيدى، أما النساء فلم يصافحهن، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يمس امرأة ولا تمسه إلا امرأة أحلها الله له، أو ذات محرم منه (١).

فقد روى المحدثون وأصحاب السير كل بطريقه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد أن فرغ من بيعة الرجال بايع النساء، فقال الطبري .. واجتمع إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - نساء من قريش فيهن هند بنت عتبة، متنقبة لحدثها وما كان صنيعها بحمزة، فهي تخاف أن يأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحدثها ذلك، فلما دنون منه ليبايعنه قال: تبايعننى على أن لا تشركن بالله شيئًا، فقالت هند: والله إنك لتأخذ علينا أمرًا ما تأخذه على الرجال وسنوتيكه قال: ولا تسرقن. قالت هند: والله إن كنت لأصيب من مال أبي سفيان الهَنَّة والهنَّة، وما أدرى أكان ذلك حلالًا لي أم لا؟ فقال أبو سفيان - وكان شاهدًا لما تقول - .. أمّا ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. وإنك لهند بنت عتبة .. فقالت .. أنا هند بنت عتبة، فاعف عماه سلف عفا الله عنك، قال - صلى الله عليه وسلم - .. ولا تزنين، قالت هند .. هل تزني الحرّة، قال - صلى الله عليه وسلم - .. ولا تقتلن أولادكن، قالت .. قد ربيناهم صغارًا، وقتلتهم يوم بدر كبارًا، فأنت وهم أعلم، فضحك عمر بني الخطاب لقولها حتى استغرب (٢) وفي بعض روايات الآخرين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبسم لقولها الجرئ هذا (٣). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن .. فقالت هند .. والله إن إتيان البهتان لقبيح ولبعض التجاوز أمثل. قال - صلى الله عليه وسلم - ... ولا تعصيننى في معروف فقالت هند .. ما جلسنا هذا المجلس ونحن نريد أن نعصيك في معروف. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر .. بايعهن، واستغفر لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعهن عمر (٤).


(١) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٦٢.
(٢) استغرب في الضحك أي بالغ فيه.
(٣) انظر السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٢١.
(٤) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>