قبل أن يتعاظم أمر الغساسنة ويحتاج إليهم الرومان كما حدث في أوائل القرن السادس للميلاد، حينما تغلب الفرس على الرومان بمساعدة عرب الحيرة المناذرة فقهروهم حتى كادوا يحتلون القسطنطينية في عهد القيصر (جوستنيان) الذي كان يعاصر كسرى أنو شروان الذي قاد بنفسه جيوش الفرس المنتصرة.
ففي أوائل القرن السادس للميلاد احتاج الرومان أشد الاحتياج للغساسنة فوحدوهم تحت قيادة رئيس واحد هو الحارث بن جبلة (وهو أشجع وأنبه رجالات غسان على الإِطلاق) وكان بعيد الصيت في تاريخ الرومان لأنه قاد الغساسنة عام ٥٣١ م وساند الرومان في حربهم ضد الفرس، حتى كان دخوله الحرب إلى جانب الرومان من أهم الأسباب التي جعلتهم ينتصرون على الفرس ويستعيدون جميع الأقاليم التي كان الفرس قد اغتصبوها من ممتلكات الرومان في الشام وآسيا الصغرى.
فقد كان الملك الحارث بن جبلة اليد اليمنى للقائد الروماني (بليزاريوس) الذي تولى محاربة الفرس فأبلى الغساسنة تحت قيادته أعظم النبلاء حتى تمكن الجيش الروماني من اجتياز حدود مملكة فارس فاحتل ما بين النهرين. ومن أعظم الخدمات التي قام بها الملك الحارث للإِمبراطورية البيزنطية تدمير جيش المنذر بن ماء السماء وقتله لهذا الملك الذي كان اليد اليمنى ورأس الحربة للجيش الفارسي في المعركة التاريخية الشهيرة التي يسميها الإِخباريون (يوم ذات الخيار أو عين أباغ)(١).
[عودة إلى المنطلق]
وعليه لا يستبعد إذا أطلقنا على من تولى رئاسة رهط أو قبيلة أو مشيخة في الشام من الغساسنة اسم (ملك) كما هي عادة الإِخباريين بالنسبة لتاريخ ما قبل الإِسلام - لا يستبعد أن يكون ملوك الغساسنة قد بلغوا ٣٢ ملكًا. ومن هنا لا غبار على ما ذهب إليه المحقق حمزة الأصفهانى حين ذكر ذلك في كتابه، لأنَّ هذا المحقق إنما جهد نفسه ونقل أسماء هؤلاء الملوك ورتبها من