للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أي عمل يؤدب به قوات النفاق المتمردة وزعيمها الخبيث، بل حتى لم يسمع منه (آن ذاك) مجرد كلمة لوم يوجهها إلى عبد الله بن أبي وعصابته على ما فعلوا، فقد تجاهلهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتجاهل تصرفاتهم ومضى بالجيش لوجهه حتى وصل تبوك وحقق أهدافه وعاد ظافرًا منتصرًا، لم تؤثر فيه تصرفات رأس النفاق وحزبه.

ولقد أثبتت الأحداث وأكدت أن سكوت الرسول - صلى الله عليه وسلم - على تصرفات المنافقين ورجوع العسكريين منهم وانسلاخهم عن الجيش النبوي بعد انخراطهم فيه كجنود وقادة، هو عين الحكمة، حيث كان خروج هؤلاء المنافقين من الجيش النبوي بمثابة تطهير له من جراثيم خبيثة كان ستلحق به أفدح الأضرار، لو بقيت منخرطة داخل صفوفه لأنها ستكون دائمًا داخله مبعث فتنة وإرجاف وتشويش.

وقد أكد القرآن هذه الحقيقة فقال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إلا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧)} [التوبة: ٤٧].

وكانت هناك من المنافقين عناصر أقل تجاهرًا بالنفاق من عبد الله بن أبي والجد بن قيس وحزبيهما. جاءت العناصر -وهي قادرة من الناحية الجسدية والمادية- على الاشتراك في الجهاد .. جاءت هذه العناصر تطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إعفاءها من الاشتراك في الحملة، معتذرة بمختلف الأعذار الكاذبة، فلم يناقشها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقبل اعتذارها ولم يجبرها على الاشتراك في الغزو، وهذه العناصر المنافقة الأشد تكتمًا، تبلغ بضعة وثمانين رجلًا (١)، وهؤلاء من غير العناصر التي رجع بها عبد الله بن أُبَيّ.

[تدمير وكر تآمر المنافقين]

لم يكن خافيا على الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - ولا على أصحابه ما يضمره المنافقون من بغض وحقد على المسلمين، ورغبة في إلحاق الضرر بهم، ومحاولات مبطنة لتدمير الأمة الإسلامية، مع تظاهر هؤلاء المنافقين بأنهم


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>