لهذا كان لا بد من إقامة الدليل (عمليًّا) لسكان الجزيرة العربية (أولًا) بأن النصر الذي أحرزه جيش أبي سفيان في ملحمة أُحُد، لم يكن إلا نصرًا مزيفًا، وإن الجيش الذي أُشيع بأنه قد أحرزه عن بطولة، هو أضعف من أن يثبت للمسلمين في معركة جديدة، وأن قادة هذا الجيش (وعلى رأسهم أبو سفيان) لا يمكن أن يقبلوا التحدي ويوافقوا على خوض معركة جديدة ضد المسلمين (في هذا الظرف بالذات) وإن هذا الجيش من الانهيار والخوف والهلع بحيث لا يقوى على الدخول في معركة (حتى مع جيش أُحُد الذي يقال إنه قد هزمه هناك وتغلب عليه)، وذلك للحفاظ على انتصارهم العفوي الذي لم يكونوا يحلمون به.
كما أنه كان لا بد للمسلمين (في هذا الظرف الحرج) من أن يثبتوا (عمليًّا أيضًا) لخصومهم من اليهود والمنافقين والأعراب، المجاورين للمدنية بأنهم مخطئون في ظنهم بأنهم غلبوا على أمرهم، وأن ما حدث المسلمين في معركة أُحُد لم يكن له أي أثر على معنوياتهم.
وإن لديهم من القوة ما يجعل كلمتهم (كما كانت) هي العليا ويمكنهم من سحق أية حركة يفكر أحد من هؤلاء الخصوم في القيام بها ضد المسلمين.
[جيش المدينة يطارد جيش مكة]
وكان لا بد لتحقيق هذين الهدفين من عمل عسكرى جرئ سريع.
لذلك اتخذ القائد الأعلى للمسلمين - صلى الله عليه وسلم - قرارًا في غاية في الجرأة