وهكذا لم يأت عام ٢٨٠ ب. م حتى أصبحت الملكة "الزباء" تحكم الرقعة الشاسعة الممتدة من البحر الأسود ومضيق البوسفور في الشمال حتى حدود النوبة في الغرب بأفريقيا، وتيماء ودومة الجندل بجزيرة العرب في الجنوب، وحدود إيران في الشرق.
وهكذا بلغ ملك آل أذينة العمالقة من السمو والعلو والاتساع في عهد الإِمبراطورة "الزباء" ما لم يبلغه في أي عهد من عهودهم. فقد كانت هذه الملكة الفذة "كما وصفها الإِمبراطور أورليانوس" إذا حاربت أرجل من الرجال.
أما الحالة الاقتصادية والتجارية والعمرانية والثقافية فقد بلغت في عهدها القمة، فكانت تدمر العاصمة في عهد الزباء تزرى بروما في كثير من النواحى. وذلك بفضل تلك الملكة التي لم يعرف التاريخ لها مثيلًا بين ملوك وملكات الشرق "قبل الإِسلام".
[فشل الرومان في استعادة ممتلكاتهم من الزباء]
عندما بلغت الملكة الزباء هذه المنزلة وأصبحت سيدة المشرق بكل معاني هذه الكلمة. وخاصة بعد أن أزالت آخر أثر للوجود الروماني في التراب الآسيوى كله. شعرت روما بالهوان الذي لم تشعر بمثله حتى في أسوأ الظروف التي كانت فيها جيوش الإِمبراطورية الفارسية تنزل الهزائم بجيوش روما على حدود العراق أو في الشام. إذ لم تستطع جيوش الفرس في أقسى ظروف الجيوش الرومانية أن تقضى على سلطان الرومان في الشام فضلًا عن آسيا الصغرى. بينما استطاعت الملكة العربية (الزباء) أن تفعل ذلك كله في فترة وجيزة لا تتعدى الست سنوات.
ولهذا فإن الرومان لم يسكتوا على ذلك الهوان الذي أنزلته بهم تلك المرأة الأعجوبة الملكة الزباء. فقد حاولوا أن يستعيدوا ممتلكات روما فيما وراء البحار من يد الإِمبراطورة (الزباء). ولكنهم لخوفهم بن الملكة الزباء ولعلمهم بما هي عليه من قدرة وحسن تدبير جبنوا عن مواجهتها مواجهة عسكرية مكشوفة أول الأمر. لذلك حاولوا خداعها تحت ستار بقايا الصداقة التي كان