للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نشوب القتال في الحديبية]

فقد ذكر الواقدي التي مغازيه (ج ٢ ص ٦٠٢) أَن قريشًا بعثت ليلًا خمسين رجلًا عليهم مكرز بن حفص، وأمروهم أَن يطيفوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - رجاء أَن يصيبوا منهم أحدًا أو يصيبوا منهم غرّة، فاعتقلهم محمد بن مسلمة - قائد إحدى فصائل الحراسة الليلية -، فجاء بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء جمع آخر من المسلحين القرشيين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - بلغهم وقوع الخمسين أَسرى في أيدي المسلمين - وهاجموا المسلمين فنشب قتال بين الفريقين استخدمت فيه الحجارة والنبال، إلا أَن المسلمين تمكنوا من دحر المهاجمين بعد أَن أسروا عدة منهم.

وذكر الطبري في تاريخه (ج ١ ص ١٧٠) عن إياس بن مسلمة عن أبيه: أنه ألقى القبض وحده على أربعة من المتسللين المشركين، قال سلمة: فجئت بهم أقودهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء عمّي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز يقوده مجففًا (١) حتى وقفنا بهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: دعوهم يكن لهم بدءُ الفجور، فعفا عنهم، قال: فأنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} (٢).

وذكر سلمة - فيما ذكره الطبري أيضًا - أنه وحده اعتقل ستة من المتسللين وأنقذ - بالاشتراك مع زملاء له - كل المسلمين الذين وقعوا في أسر المتسللين في الحديبية فقال: فشددنا على من في أيدي المشركين


(١) مجففًا: أي لابس التجفاف، وهو آلة الحرب، يلبسها الفرس والإنسان.
(٢) سورة الفتح الآية: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>