وعلى العموم. فقد حققت دورية ابن الخطاب أهدافها على الصعيد المعنوى إلى أبعد الحدود. فقد أثبت اجتياز هذه الدورية الصغيرة، تلك المناطق النائية الممتدة مئات الأميال وسط قبائل كلها لا يزال على شركه عدوًا للمسلمين .. أثبت هذا الاجتياز, أن المسلمين بعد انتصارهم على اليهود في معركة خيبر الحاسمة، أصبحوا سادة الموقف. قد فرضوا هيبتهم علي من تبقى من العرب الوثنية. وأن الرعب والفزع والخوف من قوة المسلمين الحربية قد تمكنت من نفوس تلك القبائل وسيطرت عليها. حتى باتت تخاف لمجرد سماعها بذكر المسلمين.
وإلا فما هو التفسير لأن تتمكن دورية صغيرة لا تزيد علي ثلاثين رجلًا من أن تقطع تلك المسافات الشاسعة. داخل أرضي كل سكانها الذين يعدون بالآلاف، عدو للإِسلام والمسلمين. دون أن يجرأ أحد من هذه القبائل المعادية لهذه الدورية التي جاست خلال ديار هذه القبائل على التعرض لها.
[تأثير سقوط خيبر على معنويات الأعراب]
إنه لا يمكن إعطاء تفسير لهذه الظاهرة إلا بالقول: إن استيلاء المسملين على معاقل اليهود في خيبر -التي يعتبر اليهود فيها أقوى قوة ضاربة للكفر في جزيرة العرب من حيث التنظيم وجودة التسليح- قد أثر علي معنويات الوثنيين العرب تأثيرًا كبيرًا إلى درجة تمكن معها ثلاثون رجلًا من المسلمين أن يطأوا بلاد قوم تعد قواتهم الحربية بعشرات الآلاف (وهم هوازن) دون أن يجد هؤلاء المسلمون القليلون من يصمد بوجههم.
[المسلمون والانضباط العسكري]
أثناء عودة القائد ابن الخطاب. بدوريته من ديار هوزان (بتربة) حدث ما يدل علي أن المسلمين كانوا أسبق الأمم إلي وضع قانون الانضباط العسكري الصارم الدقيق لقواتهم الحربية.
فعندما عاد ابن الخطاب من تربة برجال دوريته -وبينما كان علي مقربة من مناطق معادية اقترح عليه دليله (الهلالى) أن يشن الغارة علي قوم من