للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون. قالوا: فمن القوم؟ فقال: "رسول الله"، فرفعت امرأة صبيًّا لها من محفَّتها، فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: "نعم ولك أجر" (١). ثم لما أتى ذي الحليفة بات بها، فلما رأى المدينة كبَّر ثلاث مرات، وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك والحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون، عابدون، ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده" (٢). ثم دخل المدينة نهارًا من طريق المعرّس وخرج من طريق الشجرة.

[الأمر بتجهيز جيش أسامة بن زيد]

ولما وصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - المدينة أقام بها بقية ذي الحجة والمحرّم وصفر، وفي اليوم الخامس والعشرين من صفر سنة إحدى عشر هـ أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتجهيز جيش كبير لغزو الروم وجعل أميرًا على الجيش (الذي استوعب المهاجرين والأنصار) مولاه أسامة بن زيد وعمره يومئذ عشرين سنة، وكان من ضمن جنود الجيش أبو بكر وعمر. وقد استكمل الجيش تجهيزه وقفل من المدينة حتى عسكر بالجرف على بعد حوالي ثلاثة أميال من المدينة، وكان على وشك التحرك إلى الشام لولا أن نبأ عاجلا بعثت به إلى القائد أسامة أمه أم أيمن تخبره فيه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد غلبه المرض وأنه يحتض. والواقع أن أسامة فصل من المدينة بالجيش والمرض قد ألمّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد كانت الأوامر بتجهيز الجيش يوم الاثنين لأربع بقين من صفر، - وكانت بداية مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحمّى يوم الأربعاء لاثنتين بقين من صفر، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - ورغم المرض الذي ألمّ به عقد اللواء بيده للقائد أسامة وذلك يوم الخميس التاسع والعشرين من صفر سنة إحدى عشرة هجرية، بعد ذلك خرج أسامة بالجيش إلى الجرف. وكان أسامة يأتي من قيادته في الجرف إلى المدينة يوميًا تقريبًا، ليطمئن على صحة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعندما


(١) رواه مسلم والنسائي وأبو داود.
(٢) رواه البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>