أحاط به الخباء، فأغضبها قوله، وقالت له (ساخرة): أما والله إني لأظن أنك ستودّ أن لو زدت في توسعته.
فلما انهزمت هوازن دخل رجال من هوازن خباءها مستجيرين بها من القتل. فاستدعت ابن أخيها حرب بن أمية. فقال لها يا عمة: من تمسك بأطناب خبائك أو دار حوله فهو آمن، فنادت بذلك في هوازن وقيس حتى كثروا جدًّا - حيث لم يبق أحد منهم لا نجاة عنده إلا دار بخبائها، فقيل لذلك الموضع: مدار قيس (وهي قيس عيلان التي منها هوازن وكان يضرب به المثل فتغضب قيس منه) ولما انهزمت قيس عيلان خرج مسعود بن معتب هاربًا إلى زوجته ربيعة بنت عبد شمس، فجعل أنفه في صدرها، وقال: أنا بالله وبك فقالت: كلا زعمت أنك ستملأ بيتي من أسرى قومى، اجلس فأنت آمن.
[المعركة الخامسة من الفجار الرابع]
ثم نشبت بين الفريقين المعركة الخامسة، وقد دارت بعكاظ أيضًا وفي الشهر الحرام، وهذه المعركة سمِّيت (يوم الحريرة) وهي حرَّة إلى جانب عكاظ، وكانت المعركة شديدة أيضًا، واستحر القتل في صفوف الفريقين إلا أن الدائرة دارت على كنانة قريش فانهزموا، وكان القتل في كنانة وقريش أكثر في هذه المعركة، إلا أن عقلاء الفريقين أدركوا أن هذه الحرب لن تنتهي حتى يتفانى الفريقان، فعقدوا بينهم هدنة مؤقتة للتفاوض، وتفاوض زعماء الفريقين فعلًا، واتفقوا على الصلح، وذلك بأن يُحصى قتلى الفريقين ثم تدفع ديات عدد القتلى الزيادة إلى الفريق الذي يكونون فيه، فاتفقوا على ذلك، ولكى ينجح الصلح وتنتهي الحرب إلى الأبد، قدَّم كل من المتحاربين رهينة حتى تدفع ديات القتلى الزيادة.
فرهن حرب بن أمية ابنه أبا سفيان عن قريش، ورهن الحرث بن كلدة الثقفى عن هوازن ابنه النضر، ورهن سفيان بن عوف عن كنانة ابنه الحرث، حتى أُحصى قتلى الفريقين ودفعت ديات القتلى الزيادة وكانوا عشرين قتيلًا، تزعم هوازن أنهم من قريش وكنانة، وتزعم كنانة أنهم من هوازن. وبهذا