وكان أبو بصير (عتبة بن أسيد الزهري)(١) أحد هؤلاء الشباب القرشيين السابقين إلى الإسلام. زج به قومه بنو زهرة في السجن لمفارقته دين الوثنية واعتناقه دين الإِسلام.
ولما تم إبرام صلح الحديبية وأجبرت قريش الشرك على الاعتراف بالمسلمين كأمة ذات كيان - بعد أن كانت قريش لا تنظر إليهم إلا كما تنظر إلى قطاع الطرق والخارجين على القانون - انتعشت آمال الشباب المسلم المقهور في سجون مكة. وصار هؤلاء الشباب يمنون النفس بالاستفادة من معطيات هذا الصلح.
وبدأ بعضهم يفكر في الهرب من سجون قريش بمكة ليلتحق بالأسرة الإِسلامية في المدينة كأعضاء فيها.
وكان أول من تمكن من الخلاص من سجن أهله بمكة الشاب المسلم (أبا بصير). وقد اتجه هذا الشاب المسلم إلى المدينة. وعندما وصل إليها قابل النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلب منه أن يمنحه حق اللجوء والإِقامة بين أسرته الكبرى. أسرة الإِسلام.
وكان بود النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبه إلى طلبه. ولكن السماح له بالإِقامة في المدينة يناقض روح اتفاقية صلح الحديبية التي ينص أحد بنودها على أن يلتزم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدم إيواء أحد في المدينة من أبناء قريش حتى وإن جاء
(١) هو عتبة بن أسيد بن جارية بن عبد الله الثقفى (أبو بصير) حليف بني زهرة كان من الشباب السابقين في الإسلام سجنه أهله في سجن بني زهرة بمكة تنكيلا به لدخوله في الإِسلام. فصبر حتى تمكن من الإِفلات فكان أول شباب قريش هربا من سجونها بعد صلح الحديبية ذكر البخاري قصته وقصة أبي جندل بن سهيل بن عمرو في صحيحه: قاد أبو بصير ثوار العيص أنشأ حكومة مستقلة في الساحل في العهد النبوى معادية لقريش وليست مرتبطة بالمسلمين بسبب شروط صلح الحديبية ولكنها كانت على ولاء تام للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه .. ظل أبو بصير يقود الثورة ضد مشركي مكة ويستولى على قوافلهم في الساحل حتى صدرت إليه الأوامر النبوية بإيقاف نشاطه ضد كفار مكة. فأوقف نشاطه ثم توفى في مقره بالعيص وهو يقرأ كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الموجه إليه بهذا الشأن.