حربية كبيرة، لها وزنها في الجزيرة العربية، ولكن هذه الطاقات كانت تستنفد (قبل شروق أَنوار الطلعة المحمدية على يثرب) في الحروب الأهلية الجاهلية التي كان اليهود في المدينة يستغلونها لتدعيم سيطرتهم (وخاصة الاقتصادية) في المنطقة فيذكون لهيبها بأَساليبهم الخاصة المعروفة عنهم.
ولكن الإِسلام لما جاء ووحَّد هذه القبائل في ظل عقيدة واحدة، استفاد من طاقات هذه القبائل الحربية ووجَّهها وجهة صالحة بناءة، حيث كانت هذه القبائل (أَيام الرسول) هي القوة الحربية الرئيسية الأُولى التي اعتمد عليها الإسلام في نشر التوحيد وإحلال السلام والعدل والاستقرار في أَرجاءِ الجزيرة العربية، وخاصة في معاركهـ الحاسمة مع أعدائه الرئيسيين كفار قريش.
[غير المسلمين في يثرب]
وبعد أَن وثق النبي - صلى الله عليه وسلم - من رسوخ قواعد المجتمع الإسلامي الجديد بإقامة الموحدة العقائدية والسياسية والنظامية في المدينة بين المسلمين، شرع في تنظيم علاقاته بغير المسلمين من اليهود المقيمين في المدينة.
لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - طالب ملك أَو باحث عن جاه أَو ساع وراء مال (وهي الأُمور التي تدفع بطالبها في طريق التسلط والتعسف، والعدوان) وإنما كان "- صلى الله عليه وسلم -" نبيًّا مرسلًا همه توفير السعادة والخير للبشرية جمعاء.
ولذلك اتجه في محادثاته مع اليهود اتجاهًا كله سماحة وتسامحًا،