للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيطروا عليه من مرتفعات تشرف عليه، وهو الطريق الرئيسى الذي ستمر به قطعات الفرسان بقيادة خالد بن الواليد.

[خالد ينذر المقاومين ثم يسحقهم]

فعندما وصلت قوات خالد بن الوليد إلى ذلك المضيق (الخندمة) وجدت في انتظارها (وعلى أهبة الاستعداد) أولئك النفر من قريش وبكر وهذيل الذين لم يمهلوا طلائع قوات خالد حتى أمطروها من المرتفعات ومن خلف الصخور بوابل من سهامهم.

وعندها أمر خالد قطعاته بالتوقف لعله يقنع المهاجمين لإِلقاء السلاح والانصراف إلى منازلهم, فقد نادى خالد سهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل - وقد عرف أنهم قادة هذه المقاومة - وأبلغهم بأن لديه الأوامر من القائد الأعلى لجيش الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بالامتناع عن استخدام السلاح ضد أي إنسان إلّا من شهره وقاتل، وأنه إذ ينذرهم بسحق مقاومتهم يمنحهم الفرصة الكافية ليكفوا عن القتال، ويلقوا بأسلحتهم وينصرفوا سالمين بمن معهم كل إلى منزله.

ولكن قادة هذه المقاومة كان جوابهم على إنذار خالد بأنهم قد أقسموا أن يقاتلوا، ولا يتركوا محمدًا يدخل مكة عَنوة. واستمر المقاومون في هجومهم على خالد ورجاله بالنبل.

وهنا اضطر خالد إلى استخدام السلاح ضدهم فأصدر أمره إلى قواته بالهجوم عليهم، ففعلوا وما هي إلّا لحظات قليلة حتى مزقت فرقة خالد تلك المقاومة وسحقتها، حيث انهزم القوم شر هزيمة، وفروا في كل ناحية، بعد أن تركوا وراءهم ثمانية وعشرين قتيلًا، من بينهم أربعة من هذيل، ولم يفقد خالد في هذه المعركة القصيرة أحدًا من رجاله، اللهم إلّا رجلين لم يقتلا في المعركة، وإنما قتلا على أيدى أعراب من بني بكر، بعد أن ضلا طريقهما. وهؤلاء الذين استشهدا هما: كرز بن جابر أحد بني محارب بن فهر، وحنيش بن خالد بن ربيعة بن أصرم حليف بني منقذ (١).


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>