للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النبي - صلى الله عليه وسلم - يقر كل تصرفات القائد ولم ينكر عليه]

وعندما عاد القائد عمرو بن العاص بالجيش إلى المدينة. أثير أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - موضوع منع عمرو الجيش من تعقب المنهزمين في الشمال. وموضوع صلاته وهو جنب. ومنعه الجيش من إشعال النار للتدفئة وقد استجوب النبي القائد عمرا حيال هذه الأمور الثلاثة.

فأجاب بشأن منعه الجيش من تعقب عشائر قضاعة المنهزمة في أقصى بلادها قائلًا: كرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مددا فيعطفون عليهم.

أما بشأن منعه الجيش من إشعال النار أجاب عمرو: يا رسول الله. كرهت أن يوقدوا نارًا فيرى عدوهم قلتهم. . فاستصوب النبي - صلى الله عليه وسلم - تصرف عمرو هذا وحمده عليه (١).

أما بشأن صلاته بالجيش وهو جنب. فقد قال: والذي خلقك لو اغتسلت لمت، لم أجد قط بردًا مثله. وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (٢). فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يثبت أنَّه قال له شيئًا (٣).

[نصيحة لا بد من سماعها]

وهنا قصة حدثت في غزوة ذات السلاسل لا بد من ذكرها لما فيها من دروس في التربية العالية التي كان عليها أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم -.

فقد روى عن أبي رافع بن أبي رافع الطائى أنَّه قال: كنت فيمن نفر مع أبي عبيدة بن الجراح، وكنت رجلًا أغير في الجاهلية على أموال الناس، فكنت أجمع في البيض - بيض النعام - فأجعله في أماكن أعرفها، فإذا مررت بها وقد ظمئت استخرجتها فشربت منها. فلما نفرت في ذلك البعث قلت: والله لأختارن لنفسى صاحبا ينفعنى الله به. فاخترت أبا بكر


(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٤.
(٢) النساء / ٢٩.
(٣) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>