بالمسلمين والتي كانت ثمرتها تلك الغزوة الرهيبة، غزوة الأَحزاب، التي قاموا بها لسحق المسلمين في السنة الرابعة الهجرية نفسها.
[النبي يقود الحملة بنفسه]
غير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكد يتخلص من تلك الأَخطار الجسام، على أَثر فشل غزو الأَحزاب واندحارهم ذلك الاندحار المشهور حتى تحرَّك بنفسه لتأْديب أَعراب بني لحيان من هذَيل الغادرين الخونة.
إِذ تحرك من المدينة نحو منازل بني لحيان على رأْس قوة قوامها مائتامقاتل بينهم عشرون فارسًا. وذلك بعد مضي حوالي شهرين فقط على العملية الحاسمة الكبرى التي قام بها النبي - صلى الله عليه وسلم - لتصفية يهود بني قريظة في المدينة.
وكانت غزوة (بني لحيان) أَول حملة عسكرية يقودها النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه بعد غزوة بني قريظة التي انتهت في أَواخر شهر ذي الحجة من السنة الرابعة للهجرة.
[تضليل العدو]
لقد كانت أَرض (بني لحيان) من هُذيل تبعد عن المدينة أكثر من مائتين من الأَميال. وهي مسافة بعيدة، يلاقي مشاق كبيرة كل من يريد قطعها وخاصة إِذا كان غازيًا، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبال بذلك فقد كان حريصًا كل الحرص على الاقتصاص لأَحبابه من الصحابة الذين استشهدوا (غدرًا) على يد هذه القبائل المتوحشة التي لا تقيم للعهود والمواثيق اعتبارًا.