للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هنا يمكن القول: إن هذه المفاجأة كانت عاملا كبيرا في حقن في ماء كثيرة كان يمكن أن تراق من الفريقين، لو أن قريشًا علمت بتحركات النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة خروج من المدينة بجيشه. إذ أن ذلك قد يجعلها تتأهب للحرب فتحشد كافة قواها. وقد يحملها ذلك على أن تعقد حلفًا عسكريًا مع قبائل هوازن ذات العداوة الشديدة للرسول - صلى الله عليه وسلم -. وذات العدد الضخم من المحاربين الأشداء. فيتحد الجميع في جيش وثنى واحد يلاقون به الجيش النبوى الزاحف. ولكن كتمان أنباء تحرك الجيش النبوى عن قريش جعلها "رغم توقعها التعرض للغزو"في حيرة من أمرها لا تدرى ماذا تصنع إلى أن وصل النبي بجيشه على مقربة، حيث اتخذت قريش قرارها بتكليف أبي سفيان بأخذ الأمان لها من الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - (١).

[العباس بن عبد المطلب يتخوف على قريش فينذر سادتها وينصحهم بالاستسلام]

كان العباس بن عبد المطلب، عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - ظل مقيما بمكة مشركًا منذ أن فَدَى نفسه من أسر المسلمين عقب انتصارهم في معركة بدر الكبرى، وكان مع بقائه على الشرك بين قومه بمكة مواليا لابن أخيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي أبلغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - نوايا قريش المبيتة لغزو المدينة في السنة الثالثة للهجرة التي دارت فيها معركة أحد التاريخية.

ومع إخلاص العباس لابن أخيه النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في الوقت نفسه حريصًا على حقن دماء أهله وعشيرته من قريش. وبذل لتحقيق ذلك مجهودًا كبيرًا انطلاقًا من هذا الحرص. فنجح في مسعاه الذي به نجت مكة من كارثة حربية.

كان العباس -كما ذكر أصحاب السير- قد خرج من مكة مهاجرًا في الوقت الذي خرج فيه الجيش النبوى من المدينة. فلقى العباسُ رسول الله


(١) وجاء في السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠٤ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثنى على أربعة من قريش وهم عتاب بن أسيد وجبير بن مطعم وسهيل بن عمرو وحكيم بن حزام، فقال أربأ بهم عن الشرك وأرغب بهم في الإِسلام، وكلهم أسلموا وحسن إسلامهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>