للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣) يتكفل المسلمون بحماية أرواح هؤلاء اليهود وأموالهم التي يحملون ما داموا داخل المناطق الخاضعة لحكم الإسلام (١)، وهكذا لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - شديدًا في معاملة هؤلاء اليهود لأنه تمشيًا مع طبيعة الرسالة التي يحملها يميل إلى التسامح، ولا يميل إلى العنف وسفك الدم إلا إذا أصبح ذلك أمرًا لا مفر منه كالإجراء الحازم الذي اتخذه إزاء خونة يهود بني قريظة (٢).

[بنو النضير في خيبر]

ولما كانت اتفاقية الجلاء بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يهود بني النضير لا تحتم على هؤلاء اليهود الجلاء عن جزيرة العرب كليًّا .. بل تترك لهم الحرية في أن ينزلوا أي بلد أرادوا (غير يثرب) فقد اختار هؤلاء اليهود النزول في منطقة خيبر التي لا تبعد عن المدينة أكثر من سبعين ميلًا، لأنها من الناحية الحربية كانت أقوى معقل لليهود الدخلاء في جزيرة العرب .. حيث توجد بها جالية يهودية يقدر عدد حملة السلاح بينهم بعشرة آلاف مقاتل (٣).

[أخطر وكر للتآمر على الإسلام]

لقد كان زعماء يهود بني النضير (وعلى رأسهم حيى بن أخطب وكنانة بين الربيع وسلَّام بن مِشكم) من أشد الناس عداوة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن أحرص أعداء الإسلام على هدم كيانهم وإبادة أتباعه وإزالتهم من الوجود.

وإذا أضفنا إلى ذلك اعتراف كافة طوائف اليهود في جزيرة العرب ليهود بني النضير بمنصب السيادة الروحية عليهم لانتمائهم (بزعمهم) إلى نبي الله هارون بن عمران - عليه السلام -، وإذا أضفنا إلى ذلك أيضًا ما يتمتع به يهود بني النضير من مركز مالى ممتاز حيث كانوا أغنى أغنياء اليهود على الإطلاق في جزيرة العرب. (واليهود على الإطلاق في كل زمان ومكان لاحتكارهم المعاملات الربوية وقدرتهم على إدارتها يجمعون من الثروات الفاحشة ما لا يقدر غيرهم على جمعه) وخاصة في البيئات البدائية المتأخرة كبيئة العرب الوثنيين التي أتاحت لليهود عامة وليهود بني النضير خاصة أن


(١) انظر تفاصيل قصة جلاء بني النضير في الفصل الأول ص ٥٢ من كتابنا غزوة الأحزاب.
(٢) انظر كتابنا الرابع (غزوة بني قريظة).
(٣) انظر مغازي الواقدي ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>