للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرط .. هم اشترطوه فعاد عليهم بالوبال]

بالرجوع إلى مقدمات صلح الحديبية التاريخي وإلى ما واكب هذا الصلح من عناد وتعنت أبداه الجانب القرشي في المفاوضة. وبالرجوع إلى بنود هذا الصلح الذي تم إبرامه بين المسلمين وبين مشركى قريش في السنة الخامسة من الهجرة. نجد أن قريشًا قد أصرت على إملاء شرط رأت أنه انتصار لها. ورأى المسلمون أن قبول النبي - صلى الله عليه وسلم - به فيه مساس بكرامتهم فنزل بهم لذلك هم عظيم. فعارضوا الصلح أشد المعارضة. ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - (رغم ذلك) قبل بهذا الشرط الذي يلزم المسلمين بأن لا يقبلوا ولا يؤوا في المدينة أحدًا جاءهم من أبناء قريش وأن يعيدوه إلى أهله المشركين حتى وإن جاء مسلمًا.

وعلى هذا الأساس (وبموجب هذا البند) لم يسح النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بصير بالإِقامة في المدينة عندما جاء مسلمًا فارًا من سجون الشرك في مكة. بل أعاده إلى قريش عندما بعثوا في طلبه. ولكنه تمكن من قتل أحد حارسيه (كما تقدم) ثم تحول إلى ثائر في العيص ضد أهله المشركين بعد أن رفض النبي - صلى الله عليه وسلم - للمرة الثانية إيواءه في المدينة. فالتحق به في العيص كل المستضعفين في سجون مكة من المسلمين.

وهنا شعر وأدرك قادة قريش أن هذا الشرط الذي أملاه عنادهم وكبرياؤهم الجاهلى ففرضوا إدراجه ضمن شروط صلح الحديبية (١) قد عاد عليهم بأوخم العواقب.

حيث كان التزام النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الشرط وتنفيذه له سببًا في اندلاع نيران ثورة مسلحة ضد مشركي مكة. قام بها في العيص أولئك الرجال المسلمون من قريش نفسها. والذين رفض النبي - صلى الله عليه وسلم - إيواءهم في المدينة وأعلن أنه سيعيد إلى قريش كل من جاءه منهم تطبيقًا للشرط الذي أملته قريش في الحديبية وقبل به.


(١) انظر تفاصيل شروط وبنود هذا الصلح في كتابنا الخامس من هذه السلسلة (صلح الحديبية).

<<  <  ج: ص:  >  >>