للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلبه. فقال أبو قتادة: فأخذته منه، فبعته، فاشتريت بثمنه مخرفًا (١) فإنه لأول مال اعتقدته (٢).

[المعجزة السماوية يوم حنين]

وتحدث مختلف المؤرخين عن المعجزات التي أيد الله بها نبيه يوم حنين حيث بث الرعب بها في نفوس المشركين: فقد قالوا عن بعض الصحابة ممن شهدوا حنينا: أنهم رأوا قبل هزيمة هوازن (والناس يقتتلون) مثل البجاد (٣) الأسود أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم. قال أحدهم: فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث (٤) قد ملأ الوادي، لم أشك أنها الملائكة ثم لم يكن إلا هزيمة القوم.

وقال آخر: إن رجال مالك بن عوف (وكانوا عيونًا له) عادوا إليه وقد تفرقت أوصالهم، فقال: ويلكم، ما شأنكم؟ فقالوا: رأينا رجالا بيضًا على خيل بلق، فوالله ما تماسكنا حتى أصابنا ما ترى.

وعن شيوخ من الأنصار. قالوا: رأينا يومئذ كالبجد السود هوت من السماء ركامًا (٥) فنظرنا فإذا نمل مبثوث فإن كنا لننفضه عن ثيابنا فكان نصرا أيدنا الله به.

وكان سيماء الملائكة يوم حنين عمائم حمراء قد أرخوها بين أكتافهم، وكان الرعب الذي قذف الله في قلوب المشركين يوم حنين كوقع الحصى في الطست (٦). فكان سويد بن عامر السوائي يحدث، وكان حاضرًا يومئذ (مع المشركين) فسئل عن الرعب فكان يأخذ الحصاة فيرمى بها في الطست فيطن فقال: إن كان في أجوافنا مثل هذا.


(١) جاء في الروض الأنف: المخرف: نخلة واحدة أو نخلات يسيرة إلى عشر فأما ما فوق ذاك فهم بستان أو حديقة.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٩١.
(٣) البجاد (بكسر الباء): الكساء.
(٤) مبثوث: متفرق، يعني رآه من السماء.
(٥) الركام: السحاب المتراكم بعضه فوق بعض: كذا قال في نهاية غريب الحديث ج ٢ ص ١٠١.
(٦) الطست وعاء واسع للغسيل يكون من النحاس غالبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>