هنا ثارت ثائرة ذلك العملاق العربي "أذينة" فقرر أن يثبت لكسرى الأهوج المتغطرس "عمليًّا" من هو "أذينة بن أذينة" سليل العمالقة. فعقد العزم على الانتقام من القيصر.
فتناسى "مؤقتًا" ما بينه وبين الرومان من خصومة. فأبلغهم أنَّه قرر محاربة ملك الفرس سابور. وإنه يقبل أن يكون وإياهم يدًا واحدة على ذلك "الكسرى المتغطرس".
ولما كان الرومان في حالة إعياء مادى ونفسى للهزيمة المدمرة التي أنزلها سابور بهم. اغتبطوا اغتباطًا شديدًا للتحول الجذرى في سياسة "أذينة" الذي أبلغهم أنَّه قرر محاصرة المدائن عاصمة الفرس وإطلاق سراح القيصر الأسير فيها "والريانوس". فأمدوه بقوة مما تبقى من جيوشهم في المشرق. واعترفوا به سيدًا على الشام كلها. كحليف لروما. لأنهم كانوا في حالة لا تسمح لهم إلا بأن يستجيبوا لطموح الأمير أذينة. وكان الذي خلف القيصر الأسير "والريانوس" هو القيصر ابنه "فاليونوس".
[يسمى نفسه ملك الملوك]
حشد الأمير أذينة بن أذينة جيشًا عرمرما من القبائل الأشداء الشجعان التدمريين. تساندهم بعض القوات الرومانية، ثمَّ تولى أذينة بنفسه قيادة ذلك الجيش. وتحرك به نحو بلاد الفرس. ولما علم سابور "ملك الفرس" سارع وتحرك بنفسه من عاصمته المدائن على رأس جيش من الفرس. وهو لا يشك لحظة في أنَّه سيسحق قوات أذينة الذي كان يسميه "البدوى الحافى".
غير أن ظنون الكسرى المغرور خابت. حين التقى به أذينة فيما بين النهرين "دجلة والفرات" وأنزل به هزيمة منكرة. كاد فيها سابور نفسه أن يقع أسيرًا في يد الأمير أذينة بن أذينة. لولا أنَّه ركن إلى الفرار مع فلول جيشه تاركًا نساءه وأمواله وأسلحة جيشه غنيمة بين يدي الأمير أذينة.
وبعد هذا الانتصار الساحق الذي سجله الأمير العربي "أذينة على الفرس" خلع على نفسه لقب "ملك الملوك" وهو لقب مختص "فقط" بأكاسرة الفرس. وذلك من أذينة إمعانًا في إذلال الملك سابور.