للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سعد بن عبادة الجريح]

وقد كان سعد بن عبادة (١) رجع مجروحًا وجعل يستبطئ أصحابه، وجعل صاحب راية المهاجرين يستبطئ أصحابه ويقول: أنتم، وأنتم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن اليهود جاءهم الشيطان فقال لهم: إن محمدًا يقاتلكم على أموالكم نادوهم، قولوا: لا إله إلا الله، ثم قد أحرزتم بذلك أموالك ودماءكم، وحسابكم على الله، فنادوهم بذلك (والقتال على أشدّه) فنادت اليهود: لا نفعل ونترك عهد موسى والتوراة بيننا.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأعطينَّ الراية غدًا رجلًا يحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرّار، أبشر يا محمد بن مسلمة غدًا، إن شاء الله يُقتَل قاتلُ أخيك (وقاتل أخيه، مرحب) وتول عادية اليهود.

فلمَّا أصبح أرسل إلى علي بن أبي طالب وهو أرمد، فقال: ما أبصر سهلًا ولا جبلًا، قال فذهب إليه فقال: افتح عينيك ففتحهما، فتفل فيهما، قال علي: فما رمدت حتى الساعة، ثم دفع إليه اللواء، ودعا له ومن معه من أصحابه بالنصر.

فكان أول من خرج إليهم الحارث أخو مرحب في عاديته فانكشف المسلمون وثبت علي، فضرب ضربات فقتله علي، ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن فدخلوه وأغلقوا عليهم، فرجع المسلمون إلى موضعهم. وخرج مرحب وهو يقول:

قد علمت خيبر أنِّي مرحبُ ... شاكى السلاح بطل مجرَّبُ

أضربِ أحيانًا وحينًا أُضْرَبُ

فحمل عليه فقطرَّه (٢) على الباب وفتح الباب، وكان للحصن بابان.

ومن طريق آخر يورد الواقدي أن الذي قتل الحارث (أبا زينب أخا مرحب) هو أبو دجانة (٣) وليس علي بن أبي طالب، فقد قال: وحدثني


(١) انظر ترجمة سعد بن عبادة في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(٢) قطره: أي ألقاه على أحد قطريه، كذا قال في الصحاح.
(٣) أبو دجانة فارس أنصارى مشهور واسمه سماك بن خرشة، له مواقف بطولية رائعة في الدفاع عن رسول الله يوم أحد، انظر قصته في كتابنا (غزوة أحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>