ذاكم هو موجز عن تاريخ صلة يهود خيبر بجزيرة العرب قبل الإسلام .. وشئ آخر يجب أن لا يغيب عن البال (وقد يحتاج إلى تفسير)، وهو أن يهود خيبر بالرغم من شدة بأسهم في الحرب وكثرة عددهم .. وبالرغم من أنهم يتفقون في العقيدة والمذهب مع يهود يثرب. فإن يهود خيبر هؤلاء، قد ظلوا طيلة مئات السنين (قبل الإسلام) على الحياد بالنسبة للنزاعات المسلحة العنيفة التي نشبت وظلت ناشبة عشرات السنين بين العرب اليمانيين (الأوس والخزرج) النازحين من اليمن وبين يهود يثرب كما تقدم وكما هو مفصل في كتابنا (غزوة بني قريظة).
فلم يذكر (فيما وصل إلى علمي) أحد من المؤرخين أن يهود خيبر (قبل الإسلام) خفوا لنجدة إخوتهم يهود يثرب بالرغم من أنهم لا تفصلهم عنهم سوى مسافة قصيرة لا تزيد على مائة ميل .. بينما نرى الغساسنة تفصلهم عن إخوتهم في يثرب آلاف الأميال حيث كانوا يقطنون سوريا آن ذاك (١).
[موقف خيبر عند ظهور الإسلام]
لا شك أن يهود خيبر كإخوتهم يهود يثرب لم يكن موقفهم من الإسلام عند ظهوره موقف الترحيب، بل موقف المعارضة هذا مما لا جدال فيه وأثبتته الأحداث فيما بعد.
إلا أن يهود خيبر هؤلاء ظلوا (حتى السنة الرابعة من الهجرة) على الحياد بالنسبة للصراع الذي كان دائرًا بين المسلمين ويهود يثرب الذين حاولوا - بكل الوسائل - تقويض دعائم الدعوة الإسلامية والقضاء على نبيِّ الإسلام - صلى الله عليه وسلم -.
فلم يرو أحد من المؤرخين (فيما أعلم) أن يهود خيبر قاموا بأي عمل عدائي مسلح ضد المسلمين منذ ظهر الإسلام حتى السنة الرابعة للهجرة وهي السنة التي اختار فيها يهود بني النضير أن تكون خيبر منفى لهم
(١) انظر التفاصيل في الفصل الأول من كتابنا (غزوة بني قريظة).