يختلى به، فقال - صلى الله عليه وسلم - لا حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له، وجعل عامر المجرم يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ويشاغله، وينتظر من صاحبه أربد أن يفتك به فلم يستطع. فيئس عامر، ثم خرج من مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجه اللوم إلى شريكه في الإجرام (أربد) قائلا: ويلك أين ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل أخوف عندي على نفسي منك، وأيم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا. فقال أربد: لا أبالك، لا تعجل على، والله ما هممت بالذي أمرتنى به من أمره إلا دخلت (أنت) بيني وبين الرجل، حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟ وروى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: اللهم اكفنى عامر بن الطفيل، وكان عامر قد وجه تهديدا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلا: والله لأملأنها عليك خيلًا ورجالًا. فخرح عامر ووفده راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر الطاعون في عنقه، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول، أما زميله المجرم الثاني أربد، فقد سلط الله عليه صاعقه فأحرقته، والرجل الوحيد من الثلاثة الذي نجاه الله فهداه للإسلام، هو جبار بن سلمى "انظر تفاصيل قصة عامر بن الطفيل مطولة في سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٢١٣ - ٢١٤ - ٢١٥ - ٢١٦ - ٢١٧ - ٢١٨ - ٢١٩ - وطبقات ابن سعد ج ١ ص ٣١٠ - ٣١١".
- ١٢ -
[وفد عبد القيس]
عبد القيس، بطن عظيم من ربيعة من العدنانية "انظر معجم قبائل العرب" كانت مواطنهم تهامة ثم استقروا في النهاية بالبحرين.
وقد وفدهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع برئاسة الجارود بن عمرو (١)، وكان نصرانيا، فعرض عليه الإسلام ودعاه إليه، فقال:
(١) هو الجارود بن عمرو، وقيل ابن المعلى، وإنما سمى الجارود، لأنه أغار في الجاهلية على بكر بن وائل فأصابهم وجردهم، كان من رواة الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه من الصحابة عبد الله بن عمرو بن العاص، ومن التابعين أبو مسلم الجذمى ومطرف بن عبد الله بن الشخير وابن سيرين، وغيرهم. استشهد الجارود في معركة نهاوند مع النعمان بن مقرن المزني بأرض فارس.