ومن جهة أُخرى فقد صمم النبي - صلى الله عليه وسلم - على أَن يدخل بأَصحابه مكة لأَداء مناسك العمرة، ومقاتلة القرشيين إن تعرّضت قواتهم المسلحة للمسلمين وحاولت صدهم عن البيت. . وبالرغم من التزام النبي - صلى الله عليه وسلم -، سبيل التريّث والتأَنّي في انتظار حل مرضٍ يكفل للمسلمين حقهم المشروع في زيارة البيت (دون إراقة دماء) فقد عمدت قريش إلى تصعيد الأَزمة وتأْزيم الموقف الذي بلغ حدّ الانفجار، عندما أَقدمت قريش على احتجاز سفير النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها عثمان بن عفّان وعشرة من المهاجرين في مكة، وزاد الحالة توتّرًا أن صاحَبَ عملية الاحتجاز التعسفيّة هذه إشاعة بأَن القرشيين قتلوا المسلمين الأَحد عشر، فقرر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أثر ذلك مناجزة المشركين واقتحام مكة عليهم بقوة السلاح، الأَمر الذي أَفزع قريشًا وأَرعبها وجعلها تسارع إلى طلب الصلح من المسلمين.
[الحل الوسط]
وكان الحل الوسط بشأْن نقط النزاع الرئيسية هذه هو اتفاق النبيّ وقريش في هذه المفاوضات على أن يدخل المسلمون مكة للعمرة، ولكن ليس في هذه السنة، وإنَّما في العام القادم، وذلك كحل وسط رأَت قريش أنها به خرجت من الورطة التي أَوقعت نفسها فيها، مع شيء من حفظ ماء الوجه.
كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رأى أنه - بهذا الحل - قد حقق للمسلمين نصرًا عظيمًا دون أن يُضطر إلى إراقة قطرة دم واحدة. . وهذا النصر هو ضمان اتفاقية الصلح حقِّ المسلمين المشروع في دخول مكة لزيارة البيت،