وبعد حفر الخندق أصبحت المدينة كالحصن المنيع الذي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق المغامرات الانتحارية، وبعد تضحيات باهظة جسيمة.
فقد كانت المدينة -بالإضافة إلى الخندق وهو خط الدفاع الرئيسى- مشبكة بالبنيان ومحاطة بأشجار النخيل الكثيفة ولمسافات بعيدة، وغير النخيل من الزورع الأخرى بالإضافة إلى الحواجز الطبيعية الصعبة الكبرى، وهي الحرار الثلاث التي تكتنف المدينة من جهاتها الثلاث .. حرة من الجنوب وحرة واقم من الشرق، وحرة الوبرة من الغرب.
والحرار في منطقة المدينة تشكل حواجز طبيعية فعالة لايستطيع أحد (راجلًا كان أم راكبًا) اجتيازها إلا بصعوبة كبيرة لأنها مزروعة بحجارة سوداء محروقة يكون لها (غالبًا) رؤوس جارحة كأطراف الآلات الحادة.
وهكذا وبحفر الخندق استطاعت قيادة الجيش الإسلامي أن تعزل جيوش العدو عن مكان تجمع الجيش الإسلامى المدافع عن المدينة عزلًا تامًّا وأن تحول بينه وبين اقتحام مداخل المدينة كما يريد لأن هذه المداخل صارت بعد حفر الخندق خلفه ممنوعة به.
فقد حال الخندق بين الجيشين وبين أي التحام جدى شامل، وهذا هو الذي تهدف إليه القيادة الإسلامية، وتكرهه ولا تريد حدوثه قيادة جيوش الأحزاب التي ما حشدت للك الحشود التي لم تشهد الجزيرة مثلها