للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دعاء النبي يوم حنين]

وكان دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - حين انهزم جيشه وثبت هو: (والمائة الصابرة من الصفوة من المهاجرين والأنصار): (اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان). قال جبريل لقد لقنت (بفتح اللام كسر القاف) الكلمات التي لقن الله موسى يوم فلق البحر أمامه وفرعون خلفه.

وكما ذكرنا دائمًا كان الأنصار دائمًا العمود الفقرى للقوات النبوية المسلحة طيلة حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولهذا فقد كان من المائة الصابرة الثابتة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة الهزيمة يوم حنين سبعة وستون من الأنصار وثلاثة وثلاثون من المهاجرين (١).

[اشتداد القتال بين الفريقين]

وبعد أن تراجع المنهزمون المسلمون إلى ساحة الوغى احتدم القتال وقاتلت هوازن بشراسة وضراوة منقطعة النظير، ولكنها بعد عودة العسكر الإسلامي المنهزم كله، تحولت من مركز الهجوم إلى مركز الدفاع، فقد شن المسلمون (بقيادة نبيهم) على هوازن هجومًا مضادًا كاسحًا، حاولت هوازن وأحلافها الثبات أمامه ولكن دون جدوى.

فقد اكتسحهم المسلمون بحنق وغيظ، وفتكوا بهم وجرفوهم أمامهم كما تجرف العاصفة الورق اليابس، فأثخنوا فيهم، حتى بلغ الحنق ببعض المسلمين إلى أن امتدت أيديهم إلى ذرية المشركين لقتلهم، فأوقفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك بنفسه؛ لأن شريعة الإسلام لا تبيح قتل الذرية مهما كانت المبررات والأسباب.

فقد حدث محمَّد بن أبي صعصعة قال: لما نادى العباس مهيبًا بالمسلمين أن يعودوا عن الهزيمة، صاح سعد بن عبادة سيد الخزرج يا للخزرج يا للخزرج، وصاح سيد الأوس أسيد بن حضير: يا للأوس يا للأوس، فثابوا والله من كل ناحية كأنهم النحل تأوى إلى يعسوبها، قال فحنق المسلمون على المشركين فقتلوهم حتى أسرع المسلمون في قتل الذرية، فبلغ


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>