للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما بال أقوام ذهب بهم القتل حتى بلغ الذرية، ألا لا تقتل الذرية، نادى بها ثلاثًا, فقال أسيد بن حضير: يا رسول الله إنما هم أولاد المشركين.

فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - مجيبًا أسيدا: أو ليس خياركم أولاد المشركين؟ كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها، فأبواها يهوِّدانها أو ينصرانها (١).

ومما لا خلاف فيه أن هوازن بعد تراجع المسلمين إلى الميدان قد قاتلت قتالًا ضاريا وكان فيهم رجال قد أكثروا القتل في المسلمين بشراسة ولا أدل على ذلك من هذه القصة التي رواها المؤرخون عن أن رجلًا من هوازن على جمل له يهبر المسلمين بسيفه حتى أكثر القتل فيهم إلى أن تعاون عليه علي بن أبي طالب وأبو دجانة فقتلاه. ورجل. يتعاون على قتله ألمع فارسين في المهاجرين والأنصار لهو رجل فاتك شجاع ما في ذلك شك فعلى فارس المهاجرين وأبي دجانة فارس الأنصار وصاحب سيف. رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد وصاحب المواقف البطولية المشهودة في ذلك اليوم.

قالوا: (في وصف فعل الهوازنى الأفاعيل بالمسلمين): وكان "رجل من هوازن على جمل أحمر، بيده راية سواء في رأس رمح له طويل أمام الناس، إذا أدرك طعن، قد أكثر القتل في المسلمين، فيصمد له أبو دجانة فعرقب جمله فسمع خرخرة جمله (٢).

واكتسح الجمل وسدَّ علي وأبو دجانة عليه فيقطع عليّ يده اليمنى ويقطع أبو دجانة يده الأخرى، وأقبلا يضربانه بسيفيهما جميعًا حتى تثلم سيفاهما فكفَّ أحدهما. وأجهز الآخر عليه، ثم قال أحدهما لصاحبه: إمض لا تعرج على سلبه، فمضيا يضربان أمام النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويعترض لهما فارس من هوازن بيده راية حمراء، فضرب أحدهما يد الفرس ووقع لوجهه ثم ضرباه بأسيافهما فمضيا على سلبه. ويمر أبو طلحة فسلب الأول ومر بالآخر فسلبه.


(١) الواقدي ج ٣ ص ٩٠٥.
(٢) قال في لسان العرب: الخرخرة: سرعة الخرير في القصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>