للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتى به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مقتول.

فقال - صلى الله عليه وسلم -: هو هو؟ قالوا: نعم.

قال: صدق الله فصدقه. فكفنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في جبته، ثم قدّمه فصلى عليه، وكان من دعائه له: اللهم هذا عبدك خرج مهاجرًا في سبيلك قتل شهيدًا وأنا عليه شهيد (١).

وكان رجل أسود مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسك دابّته عند القتال يقال له كركرة، فقتل يومئذ، فقيل: استشهد كركرة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه ليحرق في النار على شملة غلها، فقال رجل: أخذت شراكين يومئذ كذا وكذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: شرا كان من نار، وتوفّى يومئذ رجل من أشجع، وأنهم ذكروه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيّرت وجوه الناس لذلك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن صاحبكم غلّ في سبيل الله، قال زيد بن خالد الجهني ففتشنا متاعه فوجدنا خرزًا من خراز اليهود لا يسوى درهمن، وكان نفر من المسلمين أصابوا خرزًا من خرز اليهود، وكانوا رفقاء، فقال المحدّث لهذا الحديث: لو كان الخرز عندكم اليوم لم يَسْوَ درهمين، فأتِي بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما فرغ من المقسم فقالوا: يا رسول الله، نسينا هذا الخرز عندنا! فقال - صلى الله عليه وسلم -: كلكم يحلف بالله أنه نسيه؟ فحلفوا جميعًا أنهم نسوه، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسرير الموتى فسجى عليهم بالرباط، ثم صلى عليهم صلاة الموتى، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجد الغلول في رحل الرجل فلا يعاقبه، ولم يسمع أنه أحرق رحل أحد وجد في رحله، ولكنه يعنف ويؤنّب ويعرّف الناس به (٢).

[إشراك غائبين في الغنيمة]

وكان من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يشرك في الغنيمة غائبًا عن المعركة، ولكنه في بدر أشرك في الغنيمة ثمانية لم يشهدوا القتال (٣). وفي خيبر أسهم


(١) زاد المعاد ج ٢ ص ٣٣٠.
(٢) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٨٢.
(٣) انظر أسماء هؤلاء الثمانية في كتابنا (غزوة بدر الكبرى) في الحديث عن الغنائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>