للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التزام خطة الكتمان الشديدة]

ومع إحاطة النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة أصحابه بعزمه على الزحف على مكة. فقد ظل ملتزمًا خطة الكتمان الشديد بهذا الشأن. فعقب إعلانه - صلى الله عليه وسلم - النفير العام بين القبائل المسلمة في الحاضرة والبادية احتشد من جنود الإسلام حوالي عشرة آلاف مقاتل. تحرك بهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المدينة. وعامتهم لا يعلمون إلى أين هم زاحفون وعلى من سيهجمون إلا عندما وصلوا مَرّ الظهران حيث علموا هناك (فقط) أن وجهتهم مكة المكرمة لإنهاء الوجود الوثنى فيها إلى الأبد.

[النبي يجرد سرية للتعمية والتمويه]

وزيادة في إحكام خطة الكتمان والتعمية والتضليل على العدو. بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة. وهو الشهر الذي تم فيه فتح مكة .. بعث بسرية عسكرية إلى ناحية نجد شرقي المدينة فأمر السرية أن تتحرك إلى مكان يقال له: بطن إضم (وهو واد لأشجع من قبيلة غطفان به ماء يطؤه الذاهب من اليمامة إلى مكة) (١).

وكان الهدف من تجريد هذه الحملة العسكرية (وبصورة علنية) إلى ناحية الشرق هو إيهام الناس جميعًا أن الحشد الذي يجرى في المدينة مقصود به منطقة نجد لا مكة المكرمة التي تقع في الجنوب من المدينة.

فقد قالوا: لما همَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغزو أهل مكة بعث أبا قتادة بن ربعي (٢) على رأس سرية إلى بطن إضم - وهي فيما بين ذي خشُب (٣) وذى المروة، وبينهما وبين المدينة ثلاثة برد - ليظن ظان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توجه إلى تلك الناحية ولأن تذهب بذلك الأخبار. فمضت السرية في تحركاتها العلنية حسب الخطة المرسومة لها. ولم ترجع إلا بعد أن


(١) معجم البلدان ج ١ ص ٢١٤.
(٢) انظر ترجمة أبي قتادة الأنصاري في كتابنا (غزوة أحد).
(٣) ذو خشب (بضم أوله وثانيه) قال ياقوت: من أودية اليمامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>