قريش تتوقعها منذ ارتكبت حادث الغدر الشنيع، الذي به نقضت صلح الحديبية التاريخي .. ومن كالعباس يستطيع تسوية ذلك الأمر الخطير في ذلك الظرف البالغ الخطورة؟
إذن فهي فرصة العمر، وعلى قائد جيوش قريش ووزير حربيتها وزعيمها أبي سفيان أن لا يضيعها.
كان الوقت ليلًا. وكان في إمكان - بل من حق أي رجل من المسلمين - أن يقتل أبا سفيان بن حرب لو ظفر به (وخاصة في تلك الليلة التي كان الجيش في حالة استنفار وطوارئ) لأن المسلمين وقريش كانوا في حالة حرب، حيث لم يعد هناك عهد بين قريش والمسلمين، بعد الذي صنعت قريش من الخرق الفاضح لهدنة الحديبية بعدوانها الصارخ الآثم على خزاعة حليفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الداخلة في عهده وعقده يوم الحديبية.
لذلك لم يكن وزير حربية مكة وزعيمها ما كان - وهو يرحب باقتراح صديقه العباس - يتصور أنه (وهو المشرك المطلوب سفك دمه من جميع الذين في المعسكر النبوى) سيتمكن من الوصول سالمًا إلى مقر القائد الأعلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي تحيطه غابات من رماح عشرة آلاف مقاتل كلها يتوق إلى تمزيق رأس الكفر (يومذاك) أبي سفيان بن حرب.
وقد أفصح أبو سفيان لصديقه العباس عن شكه في اجتيازه هذه الغابات من الرماح إلى خيمة الرسول القائد سالمًا ودون أن يتعرض لمكروه.
غير أن العباس بدد كل تلك المخاوف من نفس أبي سفيان المضطربة حين أكد له أنه سيوصله بنفسه سالمًا إلى خيمة ابن أخيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى ظهر بغلته الخاصة. وأنه سيكون في جواره حتى يوصله إلى مقر قيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قلب المعسكر.
وقد اطمأن أبو سفيان بن حرب إلى ضمانات ابن عمه العباس بن عبد