للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليدى لهم ميلغة (١) الكلب، حتى إذا لم يبقَ لهم شيء يطلبونه، بقى مع على بقية من المال. فقال علي: هذه بقية من المال لكم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما أصاب مما لا يعلمه ولا تعلمونه. فأعطاهم ذلك المال، ثم انصرف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره (٢).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد استقرض المال الذي دفعه ديات وتعويضات لبني جذيمة. استقرضه، لأنه لم يكن لدى المسلمين مال عند فتح مكة .. قالوا: استقرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا المال من ثلاثة من كبار تجار مكة وهم حويطب بن عبد العزّى، وصفوان بن أمية، وعبد الله بن أبي ربيعة (٣).

[حقيقة موقف خالد من قتل بني جذيمة]

ليس هناك شك في أن القائد خالدًا قد أخطأ في قتله مَن قتل من بني جذيمة، ولو لم يكن قتلهم ومصادرة أموالهم خطأ ما دفع الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم الديات والتعويضات. كما أن مما لا جدال فيه أن تصرف خالد الذي انتهى بقتل من قتل من بني جذيمة ناتج عن خطأ في الاجتهاد، فلم يقتلهم عن عمد وإصرار مع علمه أنهم مسلمون. بل حدث التباس في الأمر، فجرى قتلهم على اعتبار أنه أمر بالإغارة عليهم وانطلاقًا من الظن أنهم غير مسلمين. وهذه حقيقة يسندها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع الديات عن القتلى لبنى جذيمة، ولو ثبت أن خالدًا قتلهم (مع تيقنه أنهم مسلمون) لنفذ فيه الرسول حكم القصاص، ولكن عنصر الخطأ الناتج عن الخطأ في الاجتهاد، لما كان موجودًا في القضية، اكتفى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدفع ديات من قتل خالد من بني جذيمة. بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي بعد ذلك عن خالد بعد أن كان قد غضب عليه وأعرض عنه فترة من الزمن.

بل لقد جاء في بعض الروايات (صريحًا) أن خالدًا إنما قتل مَن قتل من بني جذيمة بعد أن امتنعوا منه واستعدوا لمقاتلته رغم إعطائهم مهلة كافية نهايتها صلاة العشاء.


(١) الميلغة: الإناء بلغ فيه الكلب.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٧٢ - ٧٣ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٨٨٠ - ٨٨١ - ٨٨٢.
(٣) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٨٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>