للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد قال الواقدي: وحدثني سيف بن يعقوب بن عتبة عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن عبد الملك بن عبد الرحمن بن الحارث، قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد يغير علي بني كنانة إلا أن يسمع أذانًا أو يعلم إسلامًا، فخرج حتى انتهى إلى بني جذيمة فامتنعوا أشد الامتناع، وقاتلوا وتلبَّسوا السلاح، فانتظر بهم صلاة العصر والمغرب والعشاء، لا يسمع أذانًا، ثم حمل عليهم فقتل من قتل وأسر من أسر فادَّعوا بعد الإسلام.

قلت: بل مما يؤكد الالتباس في مشكلة بني خذيمة ؤان خالدًا أخطأ في قتلهم عن عدم سوء نية ما جاء في صحيح البخاري ج ٥ ص ٢٠٣ من رواية الزهري عن سالم عن أبيه قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا، صبأنا، صبأنا. فجعل خالد يقتل نهم ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسرى، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرناه فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين.

وقال بعض من يعذر خالدًا: إن خالدًا قال - لا وجه إليه اللوم - ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد الله بن حذافة السهمى (١) وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمرك أن تقاتلهم لامتناعهم عن الإسلام (٢).

وجاء في كتب السيرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه ما حدث لبنى جذيمة على يد خالد سأل رجلًا ممن انفلت من الجيش بالخبر: هل أنكر عليه (أي خالد) أحد فقال: نعم، قد أنكر عليه رجل أبيض ربعة، فنهمه خالد فسكت عنه. وأنكر عليه رجل آخر طويل مضطرب، فراجعه، فاشتدت مراجعتهما. فقال عمر بن الخطاب: أما الأول يا رسول الله فابنى عبد الله، وأما الآخر فسالم مولى أبي حذيفة (٣).


(١) انظر ترجمته (في كتابنا صلح الحديبية).
(٢) سيرة ابن هشام ج ٧٣٤.
(٣) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>