دون أن يشتبك مع جيش المدينة الذي كان هو الآخر متجها بزحفه نحو بدر، معناه النكول عن القتال، وهذا لو حدث من جانب جيش محمد - صلى الله عليه وسلم -، سيكون له أسوأُ الأثر على هيبة المسلمين وسمعتهم العسكرية في تلك المنطقة، وقد يشجع هذا النكول أبا جهل على نقل المعركة إلى أسوار المدينة وغزو النبي في عقر داره بهذا الجيش نفسه.
[المجلس العسكرى الأعلى]
لهذا اهتم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذه التطورات الخطيرة المفاجئة، غاية الاهتمام. وكانت رغبة الرسول أكيدة وقوية في الاشتباك مع جيش مكة في بدر، مهما كان الثمن.
ولكنه بالرغم من هذا، وبالرغم من أنه النبي المرسل من عند الله، وبالرغم من أنه القائد الأعلى للجيش. فقد قرر أن لا ينفرد بالقول الفصل وأن لا يتفرد برأيه حيال هذه التطورات العسكرية المباغتة وذلك عملا بمبدأ الشورى الذي جاء به الإسلام {وَشَاورْهُمْ فِي الْأَمْرِ}.
لذلك سارع الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى عقد ما يسمى بلغة عصرنا (مجلسًا عسكريًا) أعلى تبادل فيه الرأي مع قادة جيشه ليعرف وجهات نظرهم حيال هذا الموقف الخطير.
[خطورة الموقف]
إن تطور الموقف إلى هذه الدرجة من الخطورة كان امتحانًا مباغتًا لجيش المدينة الصغير الذي لم يكن مستعدًا لخوض مثل هذه المعركة.
فخروجه في البداية إنما كان من أجل الاستيلاء على قافلة لا يزيد