للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أثر اليهودية في اليمن]

وإذا كان هناك أمة أو قبيلة عربية قد دانت باليهودية كالحميريين في اليمن، فإن ذلك ليس مرده إلى نشاط أحبار اليهود الواسع في مجال الدعاية لنشر اليهودية، وإنما مرده إلى أن تبع اليمن الثالث (تبان أسعد) وهو وثنى قد ألم بشيء من اليهودية في معرض النصح الذي تقدم به إليه الحبران من بنى قريظة بأن لا يتعرض للمدينة بسوء لأنها ستكون مقر نبي الإسلام المنتظر يوم ذلك محمد - صلى الله عليه وسلم - فأعجبه ما سمع منهما فدان باليهودية ثم جعل من نفسه داعية لها، فذهب إلى اليمن ودعا الحميريين إلى اليهودية فدانوا بها (١).

ثم إنه يظهر من سياق المؤرخين لهذه الحادثة أن هذين الحبرين كانا على دين موسى الصحيح بدليل أنهما لم يخفيا ما أخفاه غيرهما من اليهود من أن نبيًّا عربيًّا سيظهر في مكة ويهاجر إلى المدينة التي لذلك حذرا (تبع اليمن) التعرض لعقوبة الله إن هو خرب المدينة كما كان قد قرر واعتزم. فحادثة انتشار اليهودية في اليمن حادثة فردية ليس لها مثيل في تاريخ انتشار اليهودية، وبدليل أن هذين الحبرين المؤمنين (كما يذكر ابن إسحاق) قد أيدهما الله بخوارق عندما ذهبا إلى اليمن مع الملك تبع وناظرًا الوثنيين فيها ودعياهم إلى دين التوحيد ونبذ الوثنية في قصة يطول شرحها (٢).

فحادثة انتشار اليهودية في اليمن حادثة فردية (حدثت على أيدى حبرين لم يكونا منحرفين ولا محرفين كباقى أحبار اليهود الأنانيين)،


(١) انظر سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٣ وما بعدها.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>