ونقل البيهقي في (الدلائل) عن موسى بن عقبة أن اليهود لما تفاقم الخلاف بينهم وبين قيادة الأحزاب، ورفضت هذه القيادة إعطاء اليهود الرهائن الذين طلبوا، إتصلوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبون الصلح على أن يسمح النبي - صلى الله عليه وسلم - بعودة إخوانهم بني النضير إلى المدينة، ولكن هذا الطلب رفض من قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وعلى كل حال فإن الشقاق قد حصل بين الأحزاب وحلفائهم الجدد (يهود بني قريظة)، وظن بعضهم ببعض سوءًا، ووصل الخلاف والتنافر بين الفريقين (اليهود والأحزاب) إلى درجة أصبح الحلف العسكري المعقود بينهما في حكم المنتهى، وصار كل منهما يحمل الآخر مسؤلية انفصام عرى هذا الحلف.
[إنهيار الاتحاد الوثني اليهودي]
وعندما وصل الخلاف والتنافر إلى هذه الدرجة، فكرت القيادة المشتركة للأحزاب في إنهاء الحصار المضروب على المدينة والرجوع بجيوشها كل إلى بلاده، وترك اليهود وشأنهم، ليلقوا مصيرهم الرهيب، لا سيما وأن التذمر والاستياء أخذ يظهر في معسكر الأحزاب الذي ظل جنوده (وهم أكثر من عشرة آلاف) قرابة ثلاثين يومًا معوقين مجمدين أمام الخندق لا يستطعون القيام بأي عمل عسكري حاسم ضد المسلمين وهذا مما يبعث السأم والضيق في نفوس هؤلاء القوم الذين لم يألفوا طيلة حياتهم (في الحروب) التجميد والمرابطة أمام المدن، وإنما ألفوا الحروب