لم ينتصر المسلمون عسكريًّا في هذه المعركة الطاحنة .. ولكنهم حققوا انتصارات معنوية وسياسية عظيمة، بها صححوا ما كان مرتسمًا في أذهان قادة الجيوش الرومانية من فهم خاطئ عن حقيقة الجندي الإسلامي. حيث أذهلت شجاعة وبسالة هذا الجندي قادة الرومان - وجعلتهم يزيلون من أذهانهم - وإلى الأبد - الفكرة الخاطئة المرتسمة عن قصور وضعف الجنديّ المسلم.
حيث صمد في هذه المعركة ثلاثة آلاف جندي من المسلمين في وجه ألف مقاتل من الرومان، وتمكنوا من الانسحاب بانتظام ودونما أيّ فوضى أو اضطراب، بعد أَن فقدوا قادتهم الثلاثة وأنزلوا بالجيوش الرومانية أفدح الخسائر .. الأمر الذي أرعب الرومان وجعلهم يعدلون عن غزو الجزيرة العربية، بعد أَن كان هذا الغزو مقررًا لقيام لدى القيادة الرومانية في دمشق.
[دعوة ملوك الشرق الأوسط إلى الإسلام]
كما أَن قيام هدنة الحديبية مكَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - من التفرّغ للعمل على إيصال دعوته - بطريق رسمي - إلى خارج حدود جزيرة العرب.
حيث قام في فترة الهدنة بالاتصال بملوك وأمراء الشرق الأوسط ودعوتهم إلى الدخول في الإسلام. وذلك عن طريق رسائل خاصة بعث بها إليهم في السنة السابعة من الهجرة حيث بعث إلى كل ملك أو أمير واحدًا من أصحابه برسالة يدعوه فيها وشعبه إلى الدخول في الإسلام .. وقد كان لهذه الرسائل آثارها المختلفة في الأقطار التي تلقَّى ملوكها