للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخروج للعمرة]

ويظهر أن المسلمين أدركوا ما عليه اليهود من خوف ورعب منهم، وأنهم أصبحوا في حالة من الانهيار المعنوي، بحيث يستحيل عليهم التحرك من خيبر لغزو المدينة حتى ولو غادرها أكثر المحاربين المسلمين إلى أية جهة أرادوا.

ولذلك وبعد أن أصبح المسلمون في ذلك المركز العسكري الممتاز وأصبحوا قوة فرضت هيبتها على كل منطقة يثرب وكل المناطق المجاورة لها بعد الانتصارات الساحقة التي سجلتها على قوات الأحزاب الضاربة، وعلى خونة يهود بني قريظة بتلك التصفية الدموية العادلة الحاسمة وبعد أن بثت الرعب وأشاعت الخوف بين عناصر يهود خيبر .. قرروا (على ما في ذلك من تحدّ لمعسكر الشرك الحانق في مكة) أن يقوموا بزيارة البيت الحرام .. مطلب ظلوا عاجزين عن تحقيقه طيلة خمس سنوات كاملة لبطر وتعنُّت المشركين في مكة الذين كانت لهم الصولة والدولة طيلة هذه المدة.

لقد كان العرف المتبع والقانون السائد -غير المكتوب- بين العرب منذ آلاف السنين أن زيارة البيت العتيق والطواف به حق مشاع لجميع العرب مهما تباينت آراؤهم واختلفت مذاهبهم في العبادة .. لا يجوز لقريش سادنة البيت والمسؤولة عن الأمن في الحرم أن تحول بين أيِّ إنسان وبين دخول الحرم لزيارة البيت وباقي المشاعر التي درج العرب على زيارتها منذ عهد الخليل إبراهيم - عليه السلام -.

ولكن قريشًا (وهي الحاكمة بأمرها في مكة) بلغ بها البغي والشطط إلى منع المسلمين (خاصة) من زيارة البيت وباقي المشاعر، وهدر دمائهم وإباحة سفكها حتى ولو وُجِدوا مُهلِّلين ملبين داخل الحرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>