ولقد تضاعف الخوف واشتد الفزع وركضت القلوب بين الجُنُوب (رعبًا وهلعًا) حتى بلغت الحناجر، وأخذ المنافقون -في تلك الليالى المخيفة التي تحالفت فيها (على المسلمين) البلايا وتقاطرت فيها ضدهم الخطوب والرزايا- أخذ هؤلاء المنافقون يتسللون (هربًا) من مواقعهم داخل صفوف الجيش الإسلامي، تاركين هذا الجيش الصغير لمصيره في مهب العاصفة التي تنوشه رياحها الهُوج بعنف وقسوة تنخلع لها القلوب.
[ثبات العصبة المؤمنة]
وظلت الصفوة المختارة من صحابة محمد - صلى الله عليه وسلم - الأبرار بجانب الرسول القائد العظيم، صامدة ثابتة، في تلك الليالى الحاسمات المثقلات بالمحن والكروب، في انتظار ما ستتمخض عنه هذه الليالى من أحداث خطيرة مقلقة، لا يعلم مداها إلا الله، وخاصة ما يتوقعه المسلمون من هجوم تقوم به قريظة الغادرة على الجيش الإسلامي من الخلف، كما هي الخطة المتفق عليها بين اليهود والأحزاب.
نقطة التحول في المعركة عسكريًا
وبعد نقض قريظة العهد وانضمامها إلى الأحزاب، دخلت (فعلًا) الحرب في مراحل أكثر جدية من ذي قبل. فقد كانت مفاجأة قيادة المدينة لقيادة الأحزاب بحفر الخندق (كخط أول للدفاع عن المدينة) صدمة عنيفة جعلت قادة الأحزاب يفقدون الأمل في سحق المسلمين عن طريق الالتحام بهم في معركة فاصلة كما هي الخطة المرسومة للمعركة والمتفق عليها من الأساس.