للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيك إلى ملك الملوك ينفعك ويكف عنك وإن أبيت، فهو من قد علمت، فهو مهلكك ومهلك قومك، ومخرب بلادك، قال الطبري: وقد دخلا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد حلقا لحاهما، وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما، ثم أقبل عليهما. فقال: ويلكما، من أمركما بهذا: قالا: أمرنا بهذا ربنا - يعنيان كسرى - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن ربى أمرنى بإعفاء لحيتى وقص شاربى. ثم قال لهما: ارجعا حتى تأتيانى غدا، وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء أن الله قد سلط على كسرى ابنه (شيرويه) فقتله في شهر كذا وكذا، ليلة كذا وكذا من الليل، بعد ما مضى من الليل - سلّط عليه ابنه (شيرويه) فقتله.

قال الواقدي: قتل شيرويه أباه كسرى ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى من سنة سبع لست ساعات مضت منها. (١).

وفي اليوم التالي: استدعى الرسول - صلى الله عليه وسلم - رسولى الملك (باذان) وأبلغهما أن شيرويه قد قتل أباه كسرى فاستعظما ذلك واستنكراه منه. فقالا له: هل تدرى ما تقول. إنّا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا، أفنكتب هذا عنك ونخبره الملك قال - صلى الله عليه وسلم -: نعم أخبراه ذلك عنى. وقولا له: إن دينى وسلطانى سيبلغ ما بلغ ملك كسرى، وينتهى إلى منتهى الخف والحافر، (٢) وقولا له: إنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك، وملكتك على قومك من الأبناء، ثم أعطى خُرخسرة منطقة فيها ذهب وفضة. كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قدما على (باذان) بصنعاء فأخبراه الخبر: فقال: والله ما هذا بكلام ملك، وإني لأرى الرجل نبيا كما يقول، ولننظرن ما قد قال، فلئن كان هذا حقًّا ما فيه كلام، إنه لنبي مرسل، وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا.

[شيرويه يأمر باذان بعدم التعرض للرسول - صلى الله عليه وسلم -]

وبينما الملك باذان يفكر فيما نقل إليه رسولاه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أقوال


(١) تاريخ الرسل والملوك للطبرى ج ٢ ص ٦٥٦ وطبقات ابن سعد الكبرى ج ١ ص ٢٦٠.
(٢) الخف. يكنى به عن نوع الجمال. والحافر عن نوع الخيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>