[اعتذار رئيس الوفد القرشي للنبي - صلى الله عليه وسلم - وإطلاق سراح عثمان وأصحابه]
كانت التحريات الأخيرة أثبتت أن المشركين في مكة احتجزوا سفير النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، عثمان والعشرة المهاجرين الذين دخلوا معه مكة فعلًا، ولكن لم يثبت أن قريشًا قد قامت بقتل هؤلاء الأحد عشر كما أشيع وأحدث غليانًا في صفوف المسلمين بالحديبية، وأدّى إلى إعلان الاستنفار العام بين المسلمين في الحديبية.
ولقد كان سهيل بن عمرو - كما قلنا - لبقًا ورجل سياسة ودولة، وكان أكثر القرشيين بُعْدًا عن العنجهيّة والعناد والتهوّر.
ولهذا فإن أول ما افتتح به رئيس وفد قريش إلى الحديبية للمفاوضة هو الاعتذار للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن عمليات التسلّل التي قامت بها بعض وحدات من جيش قريش إلى داخل المعسكر الإسلامي في الحديبية (١) بقصد الاعتداء على المسلمين غدرًا. كما اعتذر سهيل بن عمرو عن عمليّة احتجاز عثمان والمهاجرين العشرة في مكة، ووصف كل هذه العمليات بأَنها من عمل السفهاء ولكي يبرهن على قوله هذا وكبداية طيبة من جانبه، أَرسل إلى قريش في مكة بأَن تسارع (فورًا) إلى إطلاق سراح عثمان بن عفّان وأَصحابه العشرة، وأن تبعث بهم مكرّمين إلى الحديبية، وقد فعلت قريش ذلك في الحال، فوصل عثمان وأَصحابه المحتجزين إلى الحديبية ففرح المسلمون بعودتهم سالمين.
(١) تقدمت تفاصيل عملية التسلل فيما مضى من هذا الكتاب.