[في مجلس استشارى: أبو بكر يطلب الرفق بقريش وعمر يطلب الشدة]
وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قرر غزو قريش في مكة عقد مجلسًا أعلى تداول الرأي فيه مع خاصة أصحابه الذين يمكن تسميتهم بهيئة أركان حربه ووزرائه. على رأسهم أبو بكر وعمر.
أما أبو بكر، فقد أشار بما يوحى أنه يرى التأنِّي وعدم الزحف على مكة. حين قال في المجلس: إنهم قومك (يا رسول الله).
وأمَّا عمر فقد حث الرسول على التنكيل بهم وإنهاء وجودهم. وصارح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن لا قرار للإسلام ولا سبيل إلى إخضاع الوثنيين في الجزيرة ككل إلا بخضد شوكة قريش. حيث قال: نعم هم رأس الكفر، زعموا أنك ساحر وأنك كذاب، وأيمُ الله لا تذل العرب (يعني من تبقى منهم على الوثنية) حتى تذل أهل مكة.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستصوبًا رأى عمر-: إن أبا بكر كإبراهيم، وكان في الله ألين من اللين، وأن عمر كنوح وكان في الله أشد من الحجر، وأن الأمر أمر عمر -أي أن الرأي الذي ينبغي العمل به هو رأى عمر- وهو إسقاط الوجود الوثنى نهائيا في مكة.
وهكذا تقرر نهائيًا أن يقوم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بغزو قريش تأديبًا لها على نقض الصلح بغدرها المشين بخزاعة في ظل عهد وهدنة وأمان. وفتكها بثلاثة وعشرين بريئًا قتلتهم قريش وحلفاؤها من بني بكر داخل مكة وبالقرب من الكعبة.