يلغي إنسانية الرقيق ويعتبره كائنًا مقذوفًا به خارج الكيان البشري، ويبيح (بدون تحفظ) لمالكهـ تعذيبه أو خصيه أو قتله (حتى وإن كان على دينه) كان الإسلام يسير في طريق الارتفاع بهذا الرقيق حتى وصل به إلى درجة المساواة بينه وبين السادة.
فقد آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين بلال بن رباح الحبشى وخالد بن رويحة الخثعمى, كما آخى بين مولاه زيد بن حارثة وعمه حمزة بن عبد المطلب، وبين المولى خارجة بن زيد وأبي بكر الصديق.
فصار هؤلاء الموالى (بموجب هذه المؤاخاة) إخوانًا لهؤلاء السادة الأعلام من العرب، "وكانت هذه المؤاخاة صله حقيقية، تعدل رابطة الدم وتصل إلى حد الاشتراك في الميراث"(١).
[الأرقاء ومنصب القيادة في الإسلام]
بل إن الإسلام ذهب في الارتفاع بالذين كانوا أرقاء إلى درجة أن يكونوا قادة لجيوش جنودها سادات الأنصار والمهاجرين.
فقد ولَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - مولاه زيد بن حارثة (في غزوة مؤتة) على جيش من الأنصار والمهاجرين وغيرهم من سادات العرب، أمثال خالد بن الوليد.
ولما استشهد مولاه زيد القائد في تلك المعركة، أسند النبي إلى ابنه أسامة بن زيد (وهو مولى) قيادة الجيش، الذي كان فيه أمثال أبي بكر وعمر.